النرجسيّة هي العَظَمة المَرَضيّة، وتُعدّ اضطراباً عقليّاً يُعزّز شعور الشّخص بأهميّته الخاصّة وحاجته للإعجاب، وعدم التّعاطُف مع الآخرين، لكنّه قد يُخفي وجود قلّة ثقة بالنّفس، واحترام قليلٍ للذّات يجعل المُصاب عُرضةً لأيّ انتقاد. قد قدّرت دراسة في العام 2009 أنّ 6% من سُكّان الولايات المُتّحدة يعانون من اضطراب الشخصيّة النرجسيّة.
يُسبب اضطراب الشخصيّة النرجسيّة مشاكل كثيرةً في مجالات الحياة، مثل علاقات العمل، أو المدرسة، أو الشّؤون الماليّة، إذ لا يشعر المُصاب بالرّضا لعدم حصوله على امتيازات أو الإعجاب الذي يعتقد أنه يستحقّه، وبالمقابل، قد لا يتمتّع الآخرون بوجوده، ولذلك تكون علاقاته مُضطربةً. يتركز علاج اضطراب الشخصيّة النرجسيّ على العلاج النفسيّ
أسباب النرجسية
من غير المعروف ما الذي يُسبّب اضطراب الشخصيّة النرجسيّة كما هو الحال مع غيره من الاضطرابات النفسيّة، لكنّ الأسباب المُرجحة للإصابة بهذه النوعيّة من الأمراض سببان:
. عدم التّفاهم في العلاقة بين الوالدين والطفل؛ فإمّا التّدليل المُفرَط أو النقد المُفرَط له في مرحلة الطّفولة.
.أسباب وراثيّة ونفسيّة مرتبطة بالاتّصال بين الدّماغ والسّلوك والتّفكير.
عوامل الخطر
يُعتبر اضطراب الشخصيّة النرجسيّة اضطراباً نادراً، لكن قد تظهر سمات النرجسيّة خلال مرحلة الطّفولة أو المُراهقة، وقد لا يعني ذلك أنّها ستستمر لتتطوّر إلى اضطراب الشخصيّة النرجسيّة.[٥] يُؤثّر اضطراب الشخصيّة النرجسيّة على الذّكور أكثرَ منَ الإناث، وغالباً ما يبدأ في سنّ المُراهقة أو مرحلةِ البلوغ المُبكِّر، وعلى الرّغم من أن سببه غير معروف، لكن يعتقد بعض الباحثين أن الأطفال المُعرّضين للخطر هم القابلون بيولوجياً لذلك (أي وراثيّاً ونفسيّاً)، والمُعرّضون لأساليب تربية بالغت في تأكيد خصوصيتهم وتميُّزهم كأطفال، وقد تكون انتقادات المخاوف والفشل كذلك؛ فالطّفل قد يُخفي تدنّي احترام الذّات من خلال تطوير شعورٍ سطحيٍّ بالكمال والسّلوك الذي يدل على الحاجة إلى الإعجاب المُستمرّ.
مضاعفات النرجسية
مُضاعفات اضطراب الشخصيّة النرجسيّة إذا تُرِكَت دون علاج يُمكن أن تشمل ما يأتي:
- صعوبات في العلاقات الاجتماعيّة.
- مشاكل في العمل أو المدرسة.
- الاكتئاب.
- تعاطي المخدّرات أو الكحول.
- أفكار انتحاريّة أو مُحاولات حقيقيّة بالانتحار.
تشخيص النرجسية
يتم تشخيص اضطراب الشخصيّة النرجسيّة على عدّة أُسس، منها:
- الأعراض والعلامات.
- تقييم نفسيّ شامل، قد يشمل الإجابة عن أسئلة مُحدّدة باستبيانات خاصّة.
- اختبار بدنيّ، وفحوصات للتأكّد من عدم وجود مشكلة عضويّة تُسبّب الأعراض.
- بعض ملامح وسِمات اضطراب الشخصيّة النرجسيّة مُماثل لاضطرابات شخصيّة أُخرى، لذلك من المُمكن أن يكون التّشخيص لأكثر من اضطراب واحد في نفس الوقت.
العلاج
قد يكون تقبّل العلاج النفسيّ صعباً جدّاً لدى المُصابين باضطراب الشخصيّة النرجسيّة لعدم رغبتهم بالتّفكير بأنّ هناك خطأ ما، إذ إنّ ذلك لن يتناسب مع صورتهم التي يرسمونها لأنفسهم؛ لذلك فالاحتمال الأكبر أنّ تتطوّر حالتهم دون شعورهم بذلك، وأن يطلبوا العلاج عندما تتطوّر لديهم أعراض الاكتئاب بسبب الانتقادات أو الرّفض. يُعدّ العلاج النفسيّ البداية الأساسيّة لعلاج اضطراب الشخصيّة النرجسيّة؛ فالعلاج النفسيّ يُساعد على إصلاح علاقات المريض، ويجعل ترابطه مع الآخرين أكثر حميمةً وصدقاً، ويُساعد في فهم أسباب عواطفه وعدم ثقته بالآخرين، أو احتقاره لهم، أو لنفسه.
قد يكون من الصّعب تغيير السّمات الشخصيّة، لذلك من المُمكن أن يستغرق العلاج عدّة سنوات، ويتوجه العلاج إلى مُساعدة المريض على الحفاظ على علاقات شخصيّة جيّدة في العمل، وإدراك وقبول الإمكانات الحقيقيّة ليُصبح أكثر قُدرةً على تحمُّل الانتقادات أو الفشل، وزيادة قدرته على تنظيم مشاعره، وفهم القضايا التي تُؤثّر باحترامه لذاته، والإفراج عن رغبته بتحقيق أهداف غير قابلة للتّحقيق، واكتساب رضا على ما يُمكن تحقيقه وما تمّ تحقيقه كذلك.
لا توجد أدوية مُستخدمة خصّيصاً لعلاج اضطراب الشخصيّة النرجسيّة، لكن إذا كان هُناك أعراض اكتئاب أو قلق أو غيرها يُمكن أن يحصُل المريض على أدوية مُضادّات اكتئاب أو الأدوية المُضادّة للقلق، والتي تُعتبر مُفيدةً في هذه الحالات.
كما أنّ هناك بعض الأمور التي يجب أن يُركّز عليها المريض أثناء علاجه؛ كالحفاظ على تفهّمه لمراحل العلاج، والتمسّك بخطة العلاج الخاصّة به، واتّخاذ الأدوية الموصوفة له، وتثقيف نفسه حول طبيعة الاضطراب، والحرص على مُتابعة علاج تعاطي المُخدّرات أو إدمان الكحول أو أيّة مشاكل صحيّة عقليّة أُخرى، وتعلُّم الاسترخاء والتّعامل مع الضّغوطات، ومحاولة الحدّ من الإجهاد، والاستمرار في التّركيز على الهدف، والتذكّر بأنّه يمكن إصلاح العلاقات المُتضرّرة ليُصبح أكثر سعادةً في حياته.
مثل أيّ اضطرابٍ نفسيٍّ آخر، فالحصول على العلاج، خاصةً في المراحل التي يطغى عليها الحزن في حياة المُصاب، هو خطوةٌ هامةٌ جدّاً، إذ يُساهم العلاج النفسيّ في جعل حياة المُصابين أكثر جدوى ومُتعةً.