أثارت مبادرة المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي والتي يهدف من خلالها لكسر حالة الجمود السياسي في البلاد، والمتمثلة في توجيه دعوات إلى الأطراف المؤسسية الرئيسية في البلاد للمشاركة في اجتماع مزمع عقده في الفترة المقبلة للتوصل إلى تسوية سياسية بشأن الخلافات المتعلقة بتنفيذ العملية الانتخابية آراء متباينة بين رافضة للمبادرة وأخرى مرحبة بها.

فكان أول الرافضين للمبادرة أعضاء مجلسي النواب والأعلى للدولة الممثلين للجنوب الليبي (إقليم فزان) والذين اتفقوا على رفض مبادرة باتيلي، بسبب ما وصفوه بإقصاء الجنوب عن المحادثات التي يزعم باتيلي إجراءها، معلنين عن صياغة وثيقة باسم “وثيقة فزان” وتقديمها لباتيلي، تهدف لتوضيح الرؤية السياسية للجنوب الليبي بشأن التنمية والاستقرار السياسي في المنطقة.

وفي موقف مماثل أعلن مجلس النواب رفضه المشاركة في المبادرة التي دعا إليها باتيلي، مشيرا إلى أنه لن يشارك في أي حوار أو اتفاق سياسي لا يحترم الإرادة الليبية والمؤسسات الشرعية المنتخبة وما انبثق عنها من مؤسسات تنفيذية في إشارة إلى عدم دعوة باتيلي للحكومة الليبية للمباحثات التي يزعم إجراءها.

وفي هذا السياق استنكر رئيس الحكومة أسامة حماد دعوة المبعوث الأممي عبدالله باتيلي للمجلس الرئاسي وحكومة الدبيبة وإشراكهما في الاجتماعات المقبلة، مستغربا إشراك حكومة الدبيبة، وإقصاء الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان، وطالب حماد الأمين العام للأمم المتحدة تغيير باتيلي وتعيينن مبعوث جديد كونه لا يصلح لإدارة الأزمة في ليبيا وفق وصفه.

وكان موقف الدول الخمس الكبرى مغايرا لما سبق، حيث رحبت دول بريطانيا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا والولايات المتحدة في بيان مشترك لها بمبادرة باتيلي، وحثت الأطراف على اغتنام الفرصة لوضع ليبيا على طريق الاستقرار على المدى الطويل.

وهو ما ذهبت إليه بعثة الاتحاد الأوروبي والبعثات الدبلوماسية للدول الأعضاء في الاتحاد لدى ليبيا، حيث رحبت بمبادرة باتيلي، وشجعت الأطراف المعنية في ليبيا للاستجابة للدعوة الشعبية لوضع المصلحة الوطنية في المقام الأول، داعية إلى قبول دعوة باتيلي والمشاركة بشكل بنّاء بروح من التوافق للوصول إلى اتفاق سياسي يمهد الطريق للانتخابات الوطنية وفق بيانها.

وبالعودة إلى الصعيد المحلي في ليبيا رحب رئيس الحزب الديمقراطي محمد صوان بالدعوة التي أعلن عنها باتيلي، مؤكدا أهمية أن يكون هناك التزام وجدية بتحقيق تقدم في العملية السياسية عبر استثمار هذه المبادرة في اتخاذ خطوات للأمام، وتجاوز كل محاولات العرقلة الداعية لنقض ما تم التوافق عليه من خلال لجنة 6+6 والتعديل الدستوري.

وأكد صوان أهمية توسعة دائرة المشاركة الفعالة بحيث تتجاوز مستوى المشاورات السطحية، راجيا ألا يغيب عن باتيلي أن هذا هو العامل الحاسم لدفع الأطراف الخمسة الرئيسية -أصحاب المصلحة في استمرار الوضع الراهن- إلى ضرورة اتخاذ خطوات عملية وجادة نحو التوافق وإنهاء الانقسام وصولا إلى الاستحقاق الانتخابي.