في الـ 23 من شهر أكتوبر عام 2020 وقعت اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 في جنيف السويسرية اتفاقا تاما ومستداما لوقف إطلاق النار في ليبيا.
ونص الاتفاق في بنده الثاني على إخراج جميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب من كامل التراب الليبي في غضون 3 أشهر من تاريخ توقيع الاتفاق
لكن المرتزقة ازدادوا عددا داخل ليبيا في العام الأول من الاتفاق، ولم يخرجوا بعد.
شبكة لام تجري تحقيقا صحفيا عن المرتزقة السوريين
أجرت شبكة لام تحقيقا استقصائيا رقميا حول تزايد أعداد المرتزقة، وخاصة السوريين منهم والذين تجندهم روسيا عبر شركة فاغنر للقتال في ليبيا جنبا إلى مليشيات حفتر.
وتسعى المنصة إلى الإجابة عن عديد التساؤلات حول من وراء تجنيد السوريين؟ ومن هم الأشخاص الذين يساعدون الروس في ذلك؟ ولماذا تعد محافظة السويداء السورية المصدر الأكبر للمرتزقة القادمين إلى ليبيا؟ وكيف يرى أهالي السويداء الزج بأبنائهم في حرب خارجية مقابل حفنة من الدولارات؟
رسالة من مرتزق سوري: نريد العودة إلى بيوتنا
أثناء بحثنا عن المرتزقة السوريين, وكيف أنهم يتواصلون مع أهلهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، عثرنا على رسالة من مرتزق سوري يعمل في معسكر تابع لشركة فاغنر بمدينة سرت وسط البلاد، أرسلها إلى شبكة الراصد السورية في الـ 11 من شهر أغسطس الماضي, يطلب فيها المساعدة في التواصل مع “روسيا” من أجل أن يعملوا على عودتهم إلى سوريا.
المرتزق ذكر أنه منضوٍ تحت الكتيبة 37 بمدينة سرت منذ أكثر من 5 أشهر رفقة 160 شابا آخر، ويشعرون بالقلق إزاء تأجيل عودتهم إلى سوريا، مضيفا أنهم مفلسون ماديا لأنهم يقبضون مستحقاتهم عند عودتهم فقط.
لماذا السويداء؟
في إطار البحث عن أماكن استقطاب السوريين للعمل كمرتزقة للقتال بجانب قوات حفتر، تبيّن لنا أن محافظة السويداء هي الأكثر إرسالا للشباب السوريين للقتال كمرتزقة في ليبيا.
هذا الأمر دفعنا للسؤال لماذا السويداء تحديدا؟
في مقطع فيديو بثته إحدى الشبكات الإخبارية في السويداء لاستطلاع رأي للشارع في المحافظة حول أسباب إقبال الشباب للعمل كمرتزقة، قال عدد من المواطنين إن النظام السوري وروسيا يفرضان حصارا اقتصاديا خانقا على أهالي المحافظة لدفعهم للسفر كمرتزقة ومواجهة الموت، ويسعيان إلى إفراغ المحافظة من شبابها، حسب رأيهم
كما أشار البعض إلى أن الدولة تمنع كافة المشاريع الاقتصادية عن المحافظة, وتعزز الانفلات الأمني, مما يزيد من الفقر والجوع بين الناس.
مرتزقة بعقود .. إما لحماية المنشآت النفطية أو للقتال في ليبيا
موقع السويداء 24 الإخباري، تحصل على صور تُظهر جانباً من عقود شركات أمنية لجلب مرتزقة من سوريا للقتال مع مليشيات حفتر.
الوثائق تكشف عن دفع 200 دولار شهرياً للمجند المرتزق، وعلاوة 10 دولار لكل عملية عسكرية، إضافة إلى علاوة في الشهر الثاني والثالث تصل إلى 20 دولار.
فيما أكدت مصادر أخرى أن أمين فرع حزب الشباب الوطني السوري في محافظة السويداء شبلي الشاعر قدم عروضاً مغرية لتجنيد المرتزقة، ويقول إن الرواتب الشهرية في ليبيا تتراوح بين 1000 دولار أمريكي للتطوع في حماية المنشآت، و1500 دولار لمن يتطوع في مجموعات قتالية، فضلاً عن تعويضات إضافية لذوي العناصر في حال مقتلهم أو فقدانهم.
42 كتيبة لمرتزقة سوريين قاتلت بجانب حفتر
بعد اطلاعنا ورصدنا لعدد من المنشورات والمجموعات وكذا التعليقات لأهالي وأصدقاء المرتزقة المتواجدين في ليبيا، تبيّن لنا دخول ما يقارب الـ 10 كتائب إلى ليبيا منذ توقيع الاتفاق العسكري، وتحمل هذه الكتائب أرقاما من الكتيبة 33 إلى الكتيبة 42.
طريقة ترقيم كتائب المرتزقة لدى فاغنر تبدو متسلسلة بأرقام حقيقة، كما هو الشأن في ترقيم دفعات الخدمة العسكرية والتجنيد.
حيث تظهر معطيات أخرى التسلسل الرقمي لدفعات المرتزقة وتاريخ وصولهم إلى ليبيا، فقد تبيّن أن الكتيبتين 33 و34 وصلتا إلى ليبيا في يناير، بينما دخلت الكتيبة 35 و36 في شهر فبراير ومارس، وهكذا وصولا إلى الكتيبتين 41 و42 دخلا إلى ليبيا في الـ 11 والـ 12 من شهر أغسطس الماضي إلى مدينة بنغازي.
أكثر من 6 آلاف مرتزق جاءت بهم فاغنر إلى ليبيا
واستنادا إلى المعلومات والمنشورات التي تفيد بتواجد ما بين الـ 150 إلى 200 مرتزق في الكتيبة الواحدة، فإن عدد المرتزقة السوريين الذين أتت بهم شركة فاغنر الروسية إلى التراب الليبي منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار يتراوح ما بين 1500 إلى 2000 مرتزق سوري.
وبناء على تقرير لجنة الخبراء بالأمم المتحدة لعام 2019، فقد رصد الخبراء وجود عسكريين ومرتزقة تابعين لشركة فاغنر المتعاقدة مع السوريين منذ شهر أكتوبر عام 2018.
وإذا أخذنا في الاعتبار التسلسل الرقمي للكتائب وتقرير لجنة الخبراء، فهذا يعني إرسال الدفعة الأولى من المرتزقة السوريين في أكتوبر 2018.
واستنادا لما سبق، فإن هذا يعني وصول ما يقارب 42 كتيبة في غضون 34 شهرا، وبمعدل 150 إلى 200 مرتزق في الكتيبة الواحدة، وبذلك يكون إجمالي عدد المرتزقة السوريين الذين وطئت أقدامهم التراب الليبي ما يقارب الـ 7 آلاف مرتزق.
من التبرير بالفقر إلى الإدانة بالارتزاق، أهالي السويداء حول أبنائهم
بعد الرسائل التي أرسلها أبناء السويداء لذويهم، والتي تحدثت عن معاناتهم في ليبيا، وكذب شركات الارتزاق عليهم وعدم دفعهم للمخصصات لهم، وبعد موت عدد من أبناء المدينة جراء ألغام زرعتها شركة فاغنر الروسية في الجفرة وسرت، صارت ردود الفعل المحلية في السويداء تميل إلى الإدانة واستنكار قبول هؤلاء الشباب بالعمل كمرتزقة في ليبيا، بعدما كانت تلك الأصوات تبرر الواقعة بالفقر وبحاجة الشباب إلى العمل.
التعليقات في الصفحات المحلية على الفيسبوك، والمنشورات التي يكتبها أهالي السويداء في المجموعات على ذات الشبكة، صارت أكثر وضوحا واتهاما للشباب بدفع أنفسهم إلى الحرب وإلى الارتزاق، كما صاروا يهاجمون الشركات والسماسرة داخل المدينة الذين يعملون على استقطاب الشباب للدفع بهم للقتال بجانب مليشيات حفتر.
مرتزقة سوريون: فاغنر يهينونا ومراقبون أمميون زارونا في الجفرة
شبكة السويداء 24 أجرت لقاءً مع مرتزقة سوريين عادوا إلى بلدتهم بعد القتال في ليبيا
وذكر المرتزقة من أبناء المدينة أنهم تعرضوا لمعاملة سيئة من قوات فاغنر المشرفة عليهم في الشهور الثلاثة الأخيرة التي قضوها بمدينة سرت، وذكروا أن الروس كانوا يتقصدون إهانتهم بين الحين والأخر بتخفيض مخصصاتهم من الطعام بشكل مفاجئ، وإجبارهم على أعمال شاقة كحفر خنادق وتجهيز سواتر ترابية ورصف طرقات بالحجارة.
وأضاف المرتزقة بأن القوات الروسية أخلّت بوعودها حول المستحقات المالية وأنهم لم يستلموا إلا 3000 دولار، بدلا من كامل مستحقاتهم التي تصل إلى 6500 دولار خلال خمسة أشهر.
كما قال أحد المرتزقة السوريين الذين كانوا متواجدين في منطقة الجفرة، إن مراقبين من الأمم المتحدة تجولوا في أماكن تواجدهم قبل أسبوعين من عودتهم إلى سوريا، مشيراً إلى أن ضابطاً روسيا حذرهم من التحدث للمراقبين أو كشف أي معلومات عن طبيعة عملهم.
من الهلال النفطي وحتى الجنوب الليبي .. المرتزقة السوريون يتوزعون
في العام الأول من اتفاق وقف إطلاق النار، والذي نص على إخراج المرتزقة، شهدت عدة مناطق تابعة لمليشيات حفتر انتشار عدد من كتائب المرتزقة السوريين.
فبعد متابعتنا ورصدنا لأعداد المرتزقة وأرقام كتائبهم، تبيّن لنا من حسابات مقاتلين سوريين كان عدد منهم في ليبيا وعدد آخر لا يزال متواجدا، أن المرتزقة ينتشرون في 4 مناطق وسط البلاد.
حيث أن الكتيبة 37 كانت متواجدة في مدينة سرت، وحلّت الكتيبة 39 مكانها، فيما كانت في السابق الكتيبة 33 متواجدة في المدينة.
أما خطوط التماس، وتحديدا في وادي جارف، والتي تبعد 25 كم غرب مدينة سرت، كانت الكتائب 35 و40 متواجدة في المنطقة.
وفي الجفرة كانت الكتائب 36 و41 و34، فيما كان تأمين الحقول النفطية للكتيبتين 38 و42.