يجمع المتابعون على أن الطعون الانتخابية كانت أول تحدٍّ حقيقي يواجه القضاء الليبي بعد سنوات طويلة من “الحياد” حيال الصراع القائم في البلاد، حياد رفعه المجلس الأعلى للقضاء كشعار لكنه انتهى بجهاز القضاء مستقيلا عن دوره الدستوري في الفصل في الخلاف الدائر وفي القضايا المتفرعة عنه, وإن لبست لباسا اجتماعيا أو قانونيا.

ففي أقل من ثلاثة أسابيع مروا من عمر الانتخابات، تحول القضاء إلى هدف يومي للانتقادات والاتهامات من مختلف الأطراف.

ارتباك في إعداد لائحة الطعون الانتخابية

أصدر القضاء لائحةً للطعون الانتخابية تنص فيه المادة الخامسة على “رفع الطعون المتعلقة بقبول المرشحين أمام لجان الطعون الابتدائية الواقع في نطاقها الموطن المختار للمرشح المطعون ضده”، ثم عدله ليتضمن التعديل السماح لمن يرغب في تقديم طعن على أحد المرشحين بتقديمه في منطقته، ثم ما لبث إلا أن ألغى هذا التعديل بقرار لم يُفسَّر، وطالب بضرورة التقيد بالنصوص قبل التعديل، ما سبّب بإعادة لائحة الطعون لدائرة الجدل مجدداً.

رفض القضاة في سبها عقد جلسة النظر.. بسبب التهديد والحصار المسلح

مصير الجلسة التي ستبت في الطعن الذي تقدم به سيف الإسلام ضد قرار استبعاده من الانتخابات لا يزال غير واضح، بعدما اعتذرت الهيئة القضائية في محكمة سبها عن النظر فيه لأسباب قال عنها وزير الداخلية خالد مازن “إنها أمنية”. وعلى امتداد ثلاثة أيام منع مسلحون محكمة سبها من عقد جلستها للنظر في طعن قدمه سيف القذافي، ضد قرار منعه من الترشح للانتخابات الرئاسية.

وجعلت هذه الفوضى الأمنية التي أصبحت تحيط بالإجراءات الانتخابية في ليبيا وعطّلت مرحلة الطعون الكثيرين يشككون في إمكانية إجراء هذا الاستحقاق الانتخابي في موعده المقرر نهاية ديسمبر.

حياد معلن حيال جرائم الحرب والعدوان على طرابلس

في وقت سابق تكرّرت الجرائم في ليبيا التي منها ما عُدَّ جرائم حرب، دون محاسبة المتورطين في أحيان كثيرة، أو حتى التكلم عنهم، وفي ظل استمرار الإفلات من العقاب، الذي بات عاديا عند الليبيين، وسكوت المجلس الأعلى للقضاء عنها مطالبين بإبقاء مؤسستهم موحدة بعيدةً عن تجاذبات “الصراع السياسي”.

وبعد أن أفنى القضاء عمره في الدفاع عن استقلال القضاء، وإبعاده عن “الصراعات”، هل سيحافظ القضاء في ليبيا على هذا؟ أم سنرى مزيداً من الانغماس لمجلس القضاء في السياسة والسكوت عن الجرائم.