يجب أن تمضي العملية قدمًا الآن، هكذا غردت السفارة الأمريكية باللغتين الإنجليزية والعربية بلهجة تهديد حادة ضد من تعتبرهم يعرقلون تنظيم الانتخابات البرلمانية والرئاسية في موعدها المحدد 24 ديسمبر المقبل، فهل للولايات المتحدة فعلا أدوات للضغط؟
عقوبات نص عليها القانون الأمريكي الجديد
القانون الأمريكي الجديد الذي صادق عليه مجلس النواب الأمريكي مؤخرا المسمى “دعم الاستقرار في ليبيا” نص على دعم الحل السلمي وإجراء انتخابات ديمقراطية نزيهة بموعدها المحدد 24 ديسمبر بمراقبة الأمم المتحدة، بالإضافة إلى دعم سيادة واستقرار ليبيا وسلامتها الإقليمية ووحدتها الوطنية.
خبير القانون الدولي حمزة علي قال إن العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة عادة على من تعتبرهم معرقلين للعملية السياسية في بلد ما تشمل أساسًا تجميد الأرصدة، المنع من دخول الولايات المتحدة وفرض عقوبات على الأشخاص والكيانات التي تتعامل مع هؤلاء المعرقلين، وهو ما نص عليه قانون دعم الاستقرار في ليبيا.
هذه العقوبات، بالإضافة لأثرها المباشر على المستهدفين بها، فهي تتضمن رسالة سياسية واضحة لكل الأطراف الدولية التي قد تدعم في المستقبل هؤلاء المعرقلين بأن هذا الدعم يأتي في مواجهة سياسة الولايات المتحدة.
عقوبات دولية تستند إلى قرار مجلس الأمن
الورقة الثانية التي توظفها الولايات المتحدة للضغط على معرقلي تنظيم الانتخابات في موعدها تستند إلى قرار مجلس الأمن الدولي الصادر منتصف شهر أبريل الماضي، حيثدعا مجلس الأمن حكومة الوحدة الوطنية إلى القيام بالأعمال التحضيرية اللازمة لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية “وطنية وحرة ونزيهة وشاملة للجميع في 24 ديسمبر المقبل” وكما هو مبين في خارطة الطريق المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي، بما في ذلك الترتيبات اللازمة لكفالة المشاركة الكاملة والمتساوية والهادفة للنساء وإشراك الشباب، وإلى توفير التمويل بسرعة للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات.
وقرار مجلس الأمن يشكل سندا قانونيا قويا لمعاقبة معرقلي الانتخابات خاصة أنه اعتبرها السبيل الوحيد لتشكيل حكومة تمثيلية موحدة وتعزيز استقلال ليبيا وسيادتها ووحدتها، مؤكدا على وجوب توضيح الأساس الدستوري للانتخابات وسن التشريعات، كما دعا ملتقى الحوار إلى اتخاذ خطوات لتيسير الانتخابات إذا لزم الأمر.
وتكررت تصريحات ممثلي الدول العظمى لدى مجلس الأمن على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها دون تأخير، بالإضافة إلى فرض عقوبات دولية على أي طرف يعرقل العملية السياسية.
لكن خبير القانون الدولي حمزة علي يقول إن فرض عقوبات بقرار صريح من مجلس الأمن على المعرقلين يبدو أكثر صعوبة من ان تبادر به دولة ما بمفردها، في ظل الخلافات داخل المجلس ودعم بعض أعضائه لأطراف الصراع في ليبيا، ويضيف إن إجهاض روسيا لمشروع قرار بفرض عقوبات على مجموعة الكانيات يمثل أحد الأمثلة على ذلك.
رقابة دولية تمنع استخدام الأموال لتمديد عمر المرحلة الانتقالية
ورقة التهديد الأخرى المهمة التي توظفها الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون ضد معرقلي الانتخابات تتمثل في مراقبة أداء السلطة التنفيذية الجديدة ومنعها من توظيف الإيرادات المالية لتمديد آجال المرحلة الانتقالية أو الانحراف عن المهام المسندة إليها بموجب الاتفاق السياسي الجديد، وتعمل الولايات المتحدة في هذا الخصوص جنبا إلى جنب مع الأمم المتحدة في مهام الرقابة والمراجعة التي تقوم بها لحسابات المصرف المركزي وأيضا في إلزامه بالتقيد بالترتيبات المالية المتوافق عليها داخل لجنة المتابعة الدولية للحوار الاقتصادي المتفرعة عن مسار برلين والتي تضم ممثلي عدد من الدول منها أمريكا وفرنسا ومصر.
ويذهب المحلل السياسي محمد شوبار إلى القول إن إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في موعدها المحدد وفقًا لمخرجات ملتقى الحوار السياسي يجب أن يتحقق شرطان ضروريات أولهما التوافق بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة على قاعدة دستورية وانتخابية، وثانيهما التطبيق الكامل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار وعلى رأسها خروج المرتزقة والمقاتلين الأجانب دون أي استثناء وخاصة المرتزقة الروس.