محمد غميم – كاتب سياسي
منذ استلام الدبيبة لرئاسة الحكومة ، اعتمد علي أسلوب مكرر في مواجهة الأزمات والفضائح السياسية والإدارية: تشكيل لجان التحقيق.
هذه الآلية التي يُفترض أن تكون أداة للمحاسبة وكشف الحقائق، تحولت في عهد الدبيبة إلى غطاء شفاف للهروب من المسؤولية، وتخدير الرأي العام، وإطالة أمد الجدل حتى ينسى الموضوع ويخفت نبض الشارع.
وآخر فصول هذا المسلسل كان بإعلانه اليوم تشكيل لجنة تحقيق بشأن ملف شركة “أركنو”، وهي الشركة التي منحها هو نفسه الشرعية واعتمد تأسيسها في وقت سابق بالقرار رقم 685 لسنة 2023.
ومع تكرار هذه المناورة ( لجان التحقيق ) نجد أنفسنا أمام تساؤلات جوهرية حول مصداقية السلطة التنفيذية:
فهل يمكن اعتبار رئيس الحكومة خصمًا وحكمًا في الوقت ذاته؟
وكيف يُعقل أن يحقق في قرار اتخذه هو شخصيًا وأشرف عليه من البداية؟!
ولماذا يصر الدبيبة علي التمسك بنهج استنزاف ثروات بلاده ؟
وعلي ذكر لجان التحقيق فهذه هي ليست المرة الأولى التي يلجأ فيها الدبيبة إلى هذا الأسلوب. فقد شكّل لجانًا عديدة في :
. ملفات تتعلق بالفساد
- أزمة الانقطاعات الكهربائية
- الأزمات الصحية
- سوء إدارة المال العام
- ملف التوطين
- فضيحة التطبيع
- تجاوزات زعماء المليشيات
- حوادث القتل والاغتيالات
- ملف تقليل الإنفاق الحكومي
- ملف الواسطة في الحج
ولكن دون أن يرى الليبيون تقريرًا واحدًا شفافًا أو نتيجة ملموسة.
و الأسوأ أن بعض هذه اللجان اختفى ذكرها تمامًا، وكأنها لم تكن، فيما ظلت الأوضاع على حالها، بل وتدهورت في بعض الملفات.
في تقديري أن ما يقوم به الدبيبة لا يمكن وصفه إلا بأنه “ضحك على الذقون”، وهو استهانة بعقول المواطنين الذين ينتظرون من قيادتهم قرارات مسؤولة لا محاولات مستمرة للتهرب والتمويه والخداع.
فتشكيل اللجان تحول من أداة للمساءلة إلى حيلة دعائية هدفها امتصاص الغضب العام وكسب الوقت من أجل الاستمرار في السلطة وتحقيق الهدف الأكبر هو سرقة ثروات البلاد ونهب خيراتها.
إن استمرار نهج الضحك على الذقون وتغطية الفساد بقرارات تحفظ في الإدراج أو بشعارات رنانة وكلام معسول يكرّس ثقافة الإفلات من العقاب ويعمّق الفجوة بين السلطة والشعب.
ختاما .. البلد ليس بحاجة إلي تشكيل لجان جديدة وإنما بحاجة إلى الشفافية والمحاسبة الفعلية تحت إرادة وحكومة وطنية صادقة وقوية، تستلم زمام الأمور وتكون من مسؤولياتها فتح ملفات الفساد علنًا، وتفعيل أجهزة الرقابة وإعادة هيبة القضاء بعيدًا عن التوظيف السياسي والمصلحي.