رأى الكاتب الإيطالي فيديريكو فوبيني أن ليبيا أصبحت «برميل بارود يشتعل بمرور الوقت» تهدد مصالح أوروبا، وذلك في ضوء أزمة مصرف ليبيا المركزي وإغلاق النفط، ومن ثمّ عدم قدرة البلاد للوصول إلى نظام «سويفت» العالمي.
جاء ذلك في مقال تحليلي نشرته جريدة كورييري ديلا سيرا الإيطالية.
حيث تطرق الكاتب، المختص في الشأن الاقتصادي، إلى إشكالية تجميد احتياطيات ليبيا من العملة الأجنبية بقيمة 84 مليار دولار، فضلا عن عدم الوصول إلى إيرادات مبيعات النفط التي تراجعت بشكل حاد أيضًا، في حين يشير إلى أزمة تواجه أوروبا في المستقبل تتمثل في تدفقات الهجرة غير النظامية، في حال استمر الوضع الحال.
وتابع الكاتب، (ونظام «سويفت» هو الشبكة التي تملكها البنوك الغربية الكبيرة. والدول والبنوك التي لم تستطع التعامل مع هذا النظام، كما هو حال العديد من البنوك الروسية حاليًا، أصبحت خارج نطاق التعاملات الدولية إلى حد كبير ولا يستطيعون الوصول للعملات الرئيسية).
وانطلقت في العاصمة الإيطالية (روما)، الاثنين، النسخة الثانية من «قمة ليبيا للطاقة والاقتصاد»، بمشاركة العديد من الشركات التابعة للمؤسسة الوطنية للنفط وشركات القطاع الخاص الرائدة من البلدين.
يعتقد فيديريكو فوبيني أن انعقاد القمة «رمز الفوضى العالمية»، لاسيما أنَّ المشاركون يتحدثون عن «اقتصاد دولة انقطعت عن نظام المدفوعات العالمي لمدة شهر». ووجدت ليبيا، التي تمتلك أكبر احتياطيات النفط الخام في أفريقيا، نفسها خلال نفس الفترة الماضية مشلولاً بسبب الأحداث الأخيرة.
ويتابع المحلل: «في قمة روما سيناقش المديرون والصناعيون المشاريع المستقبلية وكأن كل شيء طبيعي، وكأن البلاد ليست على طريق حرب أهلية جديدة». وأوضح الكاتب الإيطالي، أن ليبيا تعاني من ضغوط مالية متزايدة، مع اقترابها من نقطة الانهيار،
حيث تهدد بإطلاق العنان لموجة جديدة من المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط، لافتا إلى أن ذلك بمثابة اختبار لقدرة الغرب على احتواء الفوضى العالمية باستخدام قوة المال والنظام الدولي الذي تتدفق من خلاله الأموال.
ونشر فوبيني صورة من رسالة إلكترونية لمحافظ المصرف المركزي المعين من المجلس الرئاسي عبدالفتاح عبدالغفار لـ«سويفت» يتحدث خلالها أنه المحافظ الجديد لمصرف ليبيا المركزي، وأنه يتمتع بالتوقيع السيادي على العمليات المالية للبلاد.
وتابع: «الرسالة مؤرخة في 26 أغسطس، لكنها ظلت دون إجابة منذ ذلك الحين، سويفت صامت. وعبدالغفار معلق ومعه ليبيا كلها». ويشير المحلل إلى تأثير الانقطاع عن نظام «سويفت»، وهي شبكة مملوكة إلى حد كبير لبنوك غربية كبيرة – بالإضافة إلى بنك الصين – والتي تسمح بالمدفوعات المتبادلة بين الشركات المالية في السوق الدولية. والدول التي انقطعت عن خدمة سويفت، كما هو حال العديد من البنوك الروسية،
فقد أصبحت خارج نطاق المعاملات الدولية إلى حد كبير ولا يمكنها التداول في العملات الاحتياطية الرئيسية: الدولار، واليورو، والين الياباني، والجنيه الإسترليني، وبالتالي فإن أي شخص لا يستطيع الوصول إلى «سويفت» هو في الأساس «منبوذ دوليًا».
وقال الكاتب الإيطالي، (لدى ليبيا احتياطيات من العملات الأجنبية تبلغ 84 مليار دولار، وكلها تقريبًا موجودة في الخارج، مودعة بين بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك وبنك سيتي بنك الأميركي والمنصتين الماليتين كليرستريم في لوكسمبورغ ويوروكلير في بروكسل، والأخيرة هي نفسها التي تمتلك اليوم أيضًا غالبية أصول احتياطيات موسكو المجمدة). من الناحية الرسمية،
يقول فيديريكو فوبيني إن «أصول ليبيا لا تخضع لعقوبات مثل العقوبات المفروضة على روسيا، لكن حقيقة أن حكومة الولايات المتحدة وبالتالي سويفت لا تعترف بشرعية المحافظ الجديد تعني أن البنك المركزي الليبي فقد القدرة على الوصول إلى ودائعه». وتابع أن هذا هو ثاني أكبر تجميد في التاريخ بعد التجميد الذي تعرضت له موسكو قبل عامين ونصف العام.