كشف بيان مصرف ليبيا المركزي عن الإيراد والإنفاق العام للدولة بشأن عام 2023، عن تضخم واسع في الإنفاق ظهر جليا في مقارنة ذكرها التقرير بين الأعوام الثلاثة السابقة 2021 – 2022 – 2023، حيث أوضحت الأرقام إنفاق ما يزيد عن 339 مليار دينار على مدار الثلاث سنوات.
ففي عام 2023 وحده كان الإنفاق الحكومي يزيد عن الـ125 مليارا لتكون بذلك السنة الأعلى إنفاقا منذ استقلال ليبيا، فضلا عن مليارات أخرى تنفق على توريد وقود لم تُضمن ضمن الميزانية، لكون عملية توريد الوقود تتم عبر المبادلة من قبل المؤسسة الوطنية للنفط منذ 3 سنوات.
ومع هذا الإنفاق المتزايد، الذي تسبب في ازدياد طلب المصارف على النقد الأجنبي حيث بلغ الطلب عليه في 2023، 21 مليار دولار وهو ما يمثل زيادة قدرها 5 مليارات دولار عن العام الذي سبقه 2022، أي بنسبة 23% وبزيادة قدرها 2.1 مليار دولار عن العام 2021، أي بنسبة 12% تقريبا.
هذا الطلب المتزايد على النقد الأجنبي نتج عنه عجز متزايد كذلك لدى المصرف المركزي، حيث أظهر تقرير المصرف عجزا في النقد الأجنبي قارب الـ10 مليارات دولار، إذ إن إيرادات النقد الأجنبي المورّدة إلى المركزي خلال 2023، لم تتجاوز الـ25.4 مليار دولار، في حين بلغ إجمالي الاستخدامات والالتزامات القائمة بالنقد الأجنبي 35.3 مليار دولار، وهو ما اعتبره مصرف ليبيا المركزي استنزافاً لاستخدامات النقد الأجنبي، وفق ما ذكر في تقريره.
كل تلك المعطيات دفعت المصرف المركزي للتنبيه والتحذير من الاستمرار بنفس الوتيرة للإنفاق العام وخاصة فيما يتعلق بالسياسات المالية المتبعة، مؤكدا أن تفاقم العجز في إيرادات النقد الأجنبي لتغطية الطلب المتزايد، ستكون له آثار سلبية على الوضع الاقتصادي للدولة، وعلى احتياطيات المصرف المركزي، والاستدامة المالية للدولة، منوها إلى أن الاستمرار في ذات النهج سيزيد من الضغوط على سعر صرف النقد الأجنبي في السوق الموازي، والذي شهد ارتفاعا غير مسبوق منذ سنوات مع نهاية العام المنصرم.
فخلال الشهرين الأخيرين من السنة الماضية اتضح للجميع هشاشة الوضع الاقتصادي للدولة وهشاشة قيمة الدينار بسبب التوسع المبالغ في الإنفاق والذي تنتهجه حكومة الدبيبة منذ استلامها للسلطة في 2021، فبمجرد أن اختلف محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير مع رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة وغادر البلاد، قفزت أسعار صرف العملات الأجنبية في السوق الموازي، بنسبة فاقت 25%، الأمر الذي أحدث ذعرا كبيرا في السوق وربكة بين التجار والمواطنين كذلك.
كل ما تقدم بالإضافة لتغول واستشراء الفساد المالي والإداري في مؤسسات الدولة المختلفة، نتج عنه ازدياد رقعة الفقر واندثار الطبقة الوسطى في البلاد، وآل الحال إلى طبقتين إحداهما تمثل أغلبية من فقراء ومكلومين، وقلة من الأثرياء يملئون خزائنهم من أموال الدولة التي تستنزف.
إيقاف التمويل لتجاوز سقف الصرف
في تصريح لشبكة لام، عضو مجلس النواب عبدالمنعم العرفي، يؤكد أن إيقاف تمويل حكومة الدبيبة من قبل المصرف المركزي، جاء لتجاوزها في صرف النقد الأجنبي الذي بلغ العجز فيه لما يقارب 9 مليارات، ويضيف أن الصديق الكبير أيقن أن الاصطفاف مع حكومة الدبيبة سيدمر ما تبقى منه.