علي أبوزيد – كاتب سياسي
من البديهيات أن القرارات ذات الطابع السيادي (المراسيم)، تصدرها أعلى سلطة في الدولة، وتكون غايتها غالباً معالجة حالة متأزمة وصعبة تهدد الوحدة الوطنية وكيان الدولة، وهذه (المراسيم) هي آخر العلاج، فهي “الكي” الذي تحسم به الجروح النازفة وتداوى به الدمامل والقروح، ولا شك أن هذه المراسيم لتكون ذات مفعول تحتاج لسلطة حقيقية قادرة على وضعها موضع التنفيذ، وإلا فستكون قفزة في هواء أو ضرطة في فلاة، هذا إن لم تقسّم المقسم، وتزِدِ الوضع تمزقا وتشرذم.
ولذلك فإن ما يحاول فعله رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، مدفوعا بتشجيع من رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، بإصدار مراسيم رئاسية لن يكون لها أي أثر إيجابي في حل الأزمة، فهؤلاء ليس لديهم سلطة على شرق البلاد وجنوبها، بل حتى على بعض مناطق غرب البلاد، وأقصى ما يمكنهم فعله بهذه المراسيم هو تجميد عمل المجلس الأعلى للدولة المعطل بسبب انقسامه.
مراسيم المنفي تواجهها مشاكل كثيرة، فهناك جدل قانوني حول صحة هذا الإجراء دستوريا، كما أن المنفي يحتاج للتوافق مع عضوي الرئاسي والذي يبدو أنه غير متوافر حتى الآن، ويبقى الاعتراف الدولي بهذا الإجراء، والذي قد يصطدم بما اصطدم به قراره بشأن مجلس إدارة المصرف المركزي.
هذه الخطوة التي يدفع نحوها الدبيبة ويدعمها تيار التأزيم لن تدفع نحو أي حل سياسي، بل ستزيد حالة التشظي وانهيار المؤسسات، وربما تكون ردة الفعل عليها من معسكر الشرق إغلاق النفط، ما سيفاقم الحالة الاقتصادية المتردية.
إن حالة الاحتضار السياسي التي تشعر بها حكومة طرابلس وداعموها تدفعهم إلى ركوب مراسيم المنفي في جولتهم الأخيرة في المضمار السياسي، ولكنهم وعند انطلاق شارة البداية سيدركون أن الحصان المسرج الذي يركبونه ميت ولن يبرح بهم مكانهم.