لطالما مثّل شبح الانقسام في ليبيا هاجساً لدى الكثير من الليبيين، في ظل ما تُعانيه البلاد من حالة انقسام واستقطابٍ كبيرين منذ أكثر من عقدٍ من الزمن، إلا أن الخطاب النخبوي في البلاد استمر في محاولات إبعاد هذا الشبح في مجمل الكتابات والخطابات السياسية واللقاءات التلفزيونية.
هذا الخطاب بدأ بالتراجع مُؤخراً، مع تصاعد نبراتٍ ممن يوصفون بـ”قادة الرأي العام” من كُتّابٍ وصحفيين ومدونين ونُشطاء، تُحذر من الانقسام الوشيك الذي بات يُهدد البلاد، تزاماً مع ما تُعانيه المنطقة الغربية من فوضى أمنية وسياسية، وما يعيشه الشرق من استبدادٍ عسكريٍ متحكمٍ في كل مفاصل صنع القرار برلمانياً وحكومياً.
حيث دوّن الكاتب الصحفي محمود شمام عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي منشوراً قال فيه: “نظري ضعف كثيراً لكني أرى شبح التقسيم يقترب جداً” في إشارةٍ لعدم وجود أي حلٍ يلوح في الأفق بالتزامن مع إفشال العملية الانتخابية في أكثر من 35 بلديةً بمختلف أقاليم البلاد.
من جانبه أشار الناشط السياسي محمد بويصير لمحاولات خليفة الساعية لتشكيل حكومة عسكرية جديدة يترأسها شخصيا بتاريخ 16 سبتمبر المقبل، مشيرا لأنها محاولة لتقسيم البلاد بشكل فعلي ما سيؤدي لحرب أهلية حقيقية بين شرق البلاد وغربها.
وأوضح بويصير أن المجتمع الدولي والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية وكافة الأطراف الدولية المعنية الأخرى من الممكن أن يسمحوا لحفتر بأي فعل فيما عدى تقسيم ليبيا، فهم لن يسمحوا بذلك إطلاقا، مشددا على ضرورة التوجه نحو انتخابات برلمانية ورئاسية تنهي حكم عائلتي حفتر والدبيبية المتغولتان في البلاد والمسيطرتان على مفاصل الدولة.
ووسط تخوفات عدد من النخب السياسية والاقتصادية وتحذيراتهم بشأن محاولات التوجه نحو تقسيم البلاد وتداعيات الملف على كافة الأصعدة، وتوجه بعضهم الآخر لعدم إمكانية ذلك نظرا للرفض الدولي ، فهل ستشهد البلاد تقسيما فعليا أم ستنتهي المحاولات بالفشل؟ وما مصير الدولة في الحالتين؟