لا تزال موجة الاحتجاجات ضد الحكومة مستمرّة في عدد من مؤسسات الدولة العامة، بعد تأخر الحكومة في صرف مستحقاتهم المالية.
الاحتجاجات مستمرة في قطاعي التعليم العالي والصحة، بينما توقفت احتجاجات عمّال شركات المناولة بالمطارات، بسبب تجاوب الحكومة مع مطالبهم وتجاهل مطالب القطاعات الأخرى.
نقابة أطباء غاضبة
وعبّر نقيب الأطباء في ليبيا، محمد الغوج، عن استيائه الشديد جراء ما قامت به الحكومة من صرف لرواتب وزيادات، لعدد من مؤسسات الدولة، مستنكرا تجاهل الحكومة للمطالب التي قدمتها النقابة.
وقال الغوج، في تصريحات لشبكة لام، أن القرار الذي بادرت به الحكومة يعد استفزازيا ومسيئا في حقّ الكوادر الطبية التي لا تدخر جهدها في كافة الأوقات، مشيرا إلى أن الكوادر الطبية كانت تعمل في الوقت الذي فُرض فيه الإغلاق التام لكافة مؤسسات الدولة عند انبثاق فايروس كورونا بداخلها.
عثرات أمام إيجاد الحلول
من جهته صرّح نائب نقابة الأطباء، طارق شحيمة، أن النقابة بذلت قصارى جهدها لضمان الوصول إلى صيغة توافقية، تضمن تحقيق مطالبهم، دون اللجوء إلى الإضراب وتنفيذ الإغلاق الكامل على المرافق الصحية.
وقال شحيمة، في تصريح خاص لشبكة لام، إن الحكومة لم تترك للنقابة ثغرة تتوصّل بها إلى حل مشترك، وأنها هي من أرغمتهم في تقرير الإضراب في السابع من نوفمبر الجاري، مُحملاً الحكومة المسؤولية الكاملة لعبثها بصحة المواطن.
إضراب باستثناءات إنسانية
وأوضح شحيمة، أن النقابة ستُبقي بعض الأقسام “كالإسعاف والطوارئ” خارج خارطة الامتثال للإضراب، لأنها ستأخذ بعين الاعتبار الحالات التي تتطلب رعاية صحية سواء كانت مشدَّدة أو مستعجلة.
وأضاف شحيمة أن وظيفة الأطباء وظيفة إنسانية بالدرجة الأولى، غايتها انقاذ حالة المرضى والاهتمام بصحتهم، لذلك فإن النقابة ستراعي حالة المرضى في اللحظة التي سيطالبون فيها بمطالبهم.
وعود على ورق
احتجاجات أخرى، وهذه المرة من قبل أعضاء هيئة التدريس في الجامعات الليبية، الذين يطالبون هم أيضاً بصرف مرتباتهم المالية المحتجزة منذ سنوات.
وعبّر أعضاء هيئة التدريس في الجامعات الليبية عن استيائهم الشديد لتقديم الحكومة وعودا بشكل مستمر، دون تطبيقها على أرض الواقع.
الأمر الذي أكده الناطق الرسمي للنقابة العامة لأعضاء هيئة التدريس حسين العلّام، الذي كشف أن النقابة اجتمعت مع الحكومة عدة مرات متتالية، وطالبت تفعيل قانون (4) لسنة 2020، الصادر من قبل مجلس النواب، والاهتمام بكافة التأمينات الصحية والمعنوية داخل الجامعة.
وأكد العلّام في تصريح خاص لشبكة لام، أن رئاسة الحكومة خذلتهم، وقدمت لهم وعودا لم تسع لتنفيذها حتى اللحظة.
هجوم وزاري
في الوقت الذي كانت فيه النقابة تستعد لتصعيد موقفها بإجراء احتجاجات في كافة الجامعات الليبية، نظرا لعدم تجاوب الحكومة لتنفيذ متطلباتها، أدلى وزير التعليم العالي عمران القيب بتصريحات اعتبرتها النقابة بالتصريحات المسيئة لأعضاء هيئة التدريس.
القيب عبّر في تصريحاته عن تسرع أعضاء هيئة التدريس في اتخاذ قرارات عشوائية كإيقاف الدراسة، داعياً كافة أعضاء هيئة التدريس بالعدول عن هذه القرارات، حتى لا يضيع مستقبل الطلاب، حسب قوله.
الجامعة المفتوحة
من جهتها استنكرت نقابة أعضاء هيئة التدريس بالجامعة المفتوحة تصريحات وزير التعليم العالي عمران القيب، ووصفتها بالمسيئة في حقهم.
وأوضحت النقابة أن أعضاء هيئة التدريس لا يطالبون بالزيادة بالقدر الذي يطالبون فيه بصرف مرتباتهم التي لم تُصرف لهم منذ سنوات.
وأكدت النقابة، أن الحراك السلمي الذي تديره نقابة أعضاء هيئة التدريس جاء من أجل انتزاع الحقوق المسلوبة، وأنهم لن يطلبوا إذن أحد للحصول عليها بأي طريقة كانت.
أياد عابثة .. وحقوق منهوبة
أضافت نقابة أعضاء هيئة التدريس بالجامعة المفتوحة، ضمن تصريحاتها الموجهة لوزير التعليم العالي، أن أعضاء هيئة التدريس مُنعوا من حقهم في تقاضي ساعات التدريس، وتم استغلالها من قبل جهات أخرى.
مضيفة إلى أن رؤساء الجامعات يكلفون أشخاصا غير أكفاء كمندوبين عن الجامعات، ولا يكترث منهم أحد لمتابعة حقوقنا.
وأن عدم متابعة بيانات الجامعات من قبل الوزارة، يحاسب عليه رؤساء الجامعات لا أعضاء هيئة التدريس.
تجاهل المطالب يعني سنة دراسية بيضاء
من جانبها أكدت نقابة أعضاء هيئة التدريس الجامعي، أنها ستأخذ إجراء الدخول إلى سنة دراسية بيضاء في حال استمرت في تصعيد الموقف دون التفات الحكومة.
وأشارت النقابة إلى أن هذا القرار سيؤخذ بالتصويت خلال اجتماع النقابة الأسبوع القادم، مؤكدة أنها استنفذت جهودها في بوادر تحسين النية مع الحكومة الحالية، ولن تبادر مع الحكومة القادمة إلا في حال عودة عربة التعليم إلى قاطرتها الصحيحة.
حكومة صامتة
تأتي كل هذه الأوضاع، في ظل صمت حادّ من قبل الحكومة دون اتخاذ أي خطوة جدية، وإنقاذ قطاعي الصحة والتعليم في البلاد.
وعلى الرغم من الاحتجاجات والمراسلات من قبل الجهات المعنية، إلا أن الحكومة لا تزال مصرة على تقديمها الوعود دون أن تعمل بها على أرض الواقع.
يُذكر أن الحكومة تمكنت من إقناع نقابات قطاعي الصحة والتعليم في وقت سابق، وقدمت لهم الوعود في تنفيذ المطالب المقدَّمة من قبلهم، إلا أن تجاهلها مرة أخرى للمطالب ساهم في تصعيد لغة الاحتجاجات والتهديد بعرقلة الحياة الخدمية في البلاد، فإلى متى سيستمر هذا الصمت من قبل الحكومة؟