بعد حديث عبد الحميد الدبيبة بشأن تفعيل قرار استبدال الدعم عن المحروقات لمكافحة تهريب الوقود داخلياً وخارجياً حسب قوله، تجدد الجدل حول سيناريوهات رفع الدعم عن الوقود في ليبيا، خاصة بعد تلميحات صدرت عن صندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي بشأن ما وصفها بخفض إعانات الدعم غير المستهدفة. ضعف ثقة الشعب بالحكومة ومخاوف بشأن مدى مصداقية توفير الدعم. من جهتها أكدت مستشار وزير الاقتصاد والتجارة بحكومة الدبيبة “شذر الصيد” تقديم دراسة عن رفع الدعم عن الوقود من قبل الوزارة، مشيرة إلى أن تقديم الدراسة لا يعني أن الوزارة هي من اقترحت ذلك أو موافقتها على رفعه، وذكرت أن الوزارة اتخذت قرارا بشأن تتبع شحنات الوقود لمحاربة التلاعب به وتهريبه، الذي يجب أن تتقيد به الجهات المعنية، كما يجب على الجهات الضبطية القيام بواجبها في مراقبة شاحنات الوقود ومدى التزامها بوجهتها المحددة لها. وأضافت الصيد أن نتائج الدراسات التي خلصت إليها الوزارة في هذا الشأن تبين ارتفاع تكاليف الدعم، إلا أن نسبة دعم الوقود لا يتجاوز الـ30% بينما الـ70% المتبقية تمثل الدعم المخصص للكهرباء، مشيرة إلى أن انعدام الثقة بين الشعب والحكومات المتتالية والمختلفة، يشكل مخاوف شعبية من عدم ضمان تقديم البديل عن الدعم واستمراره في حال تقديمه، كما أن تذبذب سعر الصرف وضعف قيمة الدينار الليبي، يزيد من انحسار الطبقة الوسطى في المجتمع ويرتفع معه خط الفقر بين شرائح المجتمع الضعيفة ما يجعل البديل النقدي للدعم غير عادل وغير مجد. وضع معيشي مترد ورفض للإجراء عقب توصيات صندوق النقد، عضو مجلس النواب “فوزية بوغالية” أعلنت رفضها تدخله سواء بخبرائه أو مجلسه التنفيذي في هذا الملف حيث قالت إن القرار بشأن الدعم هو مسألة سيادية تحتاج دارسة وافية ووضعا مستقرا وقانونا صادرا عن المجلس التشريعي وليس تدخلا أو توصية من صندوق النقد، مرجعةً رفضها أي إجراء بشأن الدعم إلى الوضع المعيشي المتردي والغلاء والانقسام السياسي، وتحذر في الوقت نفسه من مغبة المضي قدماً في اتخاذ القرار الذي سيسهم في زيادة الأسعار، بحسب وصفها. وفي سياق مواز رأى المحاضر بكلية الاقتصاد جامعة مصراتة “عبد الحميد الفضيل” أن حكومة “الدبيبة” لا تمتلك برنامجًا أو رؤية متكاملة لرفع الدعم بشكل كلي مع وجود البدائل، مشيراً إلى أن 28 دولة من منتهجي سياسة رفع الدعم، وضعت برامج واضحة لهذه الخطوة، مضيفا أن هذه الدول تشهد استقرارًا سياسيًا في ظل وجود حكومة واحدة، بالإضافة إلى حسن اختيار التوقيت الذي تنخفض فيه أسعار الوقود، وبالتالي يكون تأثيره محدودا على المواطنين. من جهتها انتقدت اللجنة الليبية لحقوق الإنسان مقترح “الدبيبة” بشأن رفع الدعم عن المحروقات بحجة وقف تهريب الوقود ومشتقاته إلى الخارج، وقالت في بيان لها إن الحكومة تغاضت عن الإنفاق الضخم الذي يخص السلطات الحاكمة وحدها في هذا الشأن، متجاهلة إصلاح أجهزتها الأمنية الممتلئة بما وصفتهم بالمجرمين وأصحاب السوابق، وتستنكر تحميل المواطن عجز وفشل السلطات في تأمين وحماية الحدود والمنافذ البرية والبحرية للحد من تهريب الوقود ومشتقاته حسب اللجنة، مضيفة أن مقترح “الدبيبة” جاء عقب تفشّي ظاهرة تهريب الوقود في جميع أنحاء البلاد على مدار سنوات طويلة، مما جعلها مشكلة غير محلولة تستنزف خزانة الدولة، مردفة أن الكثير من الميليشيات والجماعات المسلحة عملت بتواطؤ مسؤولين وبشراكة أجهزة أمنية في هذه التجارة المربحة، الذي أدى إلى رفض الكثير من المواطنين دفع فاتورة هذه المشكلة الأمنية. شبه فساد بالجهاز الحكومي بالتعاون مع أمراء المليشيات سبق للنيابة العامة أن كشفت تفاصيل تهريب الوقود عبر شبكات دولية، حيث أشارت إلى أن عمليات تهريب الوقود تتم برا عبر منافذ “رأس جدير” و “ذهيبة” الحدوديين مع تونس وبحرا من المنطقة الممتدة من “الزاوية” حتى “زوارة” غرب “طرابلس”، مضيفة أنه يجري تهريب كميات ضخمة من الوقود المدعوم حكومياً بشكل يومي، فيما يشير مراقبون إلى أن أغلب المتورطين في شبكات التهريب هم من أمراء الحرب وقادة الميليشيات الذين أصبحوا يحظون بنفوذ اجتماعي واسع في مناطقهم.