ضجت وسائل التواصل الاجتماعي خلال الأسبوع الحالي باستياء واستنكار وسخط شعبي للمبالغ الكبيرة التي أنفقتها حكومة الدبيبة في المهرجان الغنائي الذي أقامته في الذكرى الثالثة عشرة للثورة.

وفي أول رد فعل، دعا تيار “بالتريس” الشبابي كافة شباب ليبيا لعدم المشاركة والاحتفال هذا العام بذكرى الثورة بسبب الظروف المعيشية الراهنة التي يعيشها الوطن، من أزمة سيولة وانقسامات سياسية صعّبت الحياة على المواطن البسيط وضيّقت عليه الخناق.

حكومة الدبيبة نظمت حفل ذكرى الثورة بإقامة منصة كلفت الملايين واستجلبت فنانين عرب تغنوا بأغاني شعبية ليبية بينهم الفنان التونسي صابر الرباعي.

حيث فند ظهور الرباعي على المنصة بأغنية ” أنت جميلة وسماك ليلى “، تصريحات الدبيبة قبل يوم من إقامة الحفل بعدم وجود فنانين عرب، قائلا ” إنها ليلة الحمد” سنذكر فيها الله ونقرأ القرآن، واصفا المواطنين المعترضين على الحفل بالموجهين إعلاميا.

جاء تصريح الدبيبة هذا في مقطع فيديو مصور أثناء مشادة كلامية بينه وبين أحد أعضاء المجلس الشبابي سوق الجمعة والنواحي الأربع، الذي احتج على صرف هذه المبالغ الخيالية على الاحتفالات في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد.

حيث استنكر البيان الصادر عن المجلس الاجتماعي سوق الجمعة والنواحي الأربع والمجلس الشبابي سوق الجمعة ما حدث اثناء إلقاء بيان المجلس بشأن رفض احتفالات الفجور والإسفاف وهدر الأموال، وفق وصف البيان.

وقال ممثلو المجلس الاجتماعي سوق الجمعة إن المنطقة التي ينبثق عنها مجلسهم لا يمكن لأحد أن يزايد عليها في وطنيتها ولا في جهادها، لا في قديم التاريخ ولا في حديثه، وسطرت وجودها عبر التاريخ بمداد وجهاد ولا زالت، وفق البيان.

وأضاف ممثلو المجلس أن أموال الليبيين ليست مشاعا ليصرف منها دون حسيب ولا رقيب، وينبغي بيان مصادر تمويل كل شيء للشعب، ومن ذلك بيان مصادر تمويل مثل هذه الاحتفالات، ولكون ذلك لم يحدث، فقد طالبنا التحقيق فيها من النائب العام.

في الزنتان، أعلن عدد من ثوار المدينة في بيان لهم عدم اعترافهم بعد اليوم”17 فبراير” بحكومة الدبيبة، ووصفوها بحكومة “نهب المال العام وإفقار المواطن”

وأيد اتحاد ثوار 17 فبراير بمدينة مصراتة، في بيان له، موقف بلديات سوق الجمعة وتاجوراء والزنتان الرافض لصرف الدبيبة الملايين على الاحتفالات، التي وصفها بمنصات الوهم التي تسوق تسويقا سفيها لحكومة الدبيبة

تعليقا على صمت المؤسسات الدينية على الفساد المالي الحكومي وهدر المال العام في البلاد، المدوّن علاء الدين بن عز الدين يشير إلى أن هذا مشهد متكرر لما حدث في السعودية لكنه في البدايات، وأضاف بمنشور له بموقع فيس بوك، ” لسنوات طويلة، وأنا مصدوم من رضوخ المؤسسة الدينية (الرسمية) في السعودية للنظام الحاكم، وعدم التطرق في خطابهم لملفات الفساد ومظاهر الإسراف الواضحة، بل ودعمهم في كثير من السياسات المخالفة لما يرونه لأنفسهم ولنا مخالفًا للشرع!

وتابع، ثم رأيت بأمّ عيني نفس المشهد يتكرر، ولكن هذه المرة من البدايات، فاتضحت لي الصورة”. القصة تبدأ باصطفاف المؤسسة الدينية مع طرف سياسي، ثم تستخدم المؤسسة الدينية الخطاب الديني لتأصيل شرعية موقفهم، ثم ينتصر طرفهم على الأطراف الأخرى لأن الشعوب، وإن لم تكن ملتزمة، تخاف مخالفة المشايخ، ثم يظهر الوجه الحقيقي للطرف السياسي من خلال الفساد المالي، أو القمع الفكري، أو السقوط الأخلاقي، أو غياب المشروع، وعندها، وبدلًا من أن تخرج المؤسسة الدينية بشجاعة وتتبرأ من أفعال الفاسدين الظالمين، تستمر في دعمهم، حتى لا يقال عنها أنها أخطأت الاصطفاف السياسي وأسرفت في توظيف الفتوى في أمور لا تتحملها.

وشدد عضو مجلس النواب على السباعي على صفحته الشخصية وتعليقا على الحدث على ضرورة أن تكون النخب وخاصة الدينية في البلاد حائلا بين الحاكم وبين التلاعب بمشاعر البسطاء واحتياجاتهم.

وتوالت ردود الأفعال الغاضبة من مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي على رصد ميزانية كبيرة للاحتفال بذكرى الثورة مقابل إهمال مطالب الشعب الليبي وتهميش أولوياته، والظروف الاقتصادية الصعبة في البلاد من ارتفاع أسعار السلع وسعر صرف الدولار مقابل الدينار وغياب السيولة النقدية عن المصارف.