حذر مديرا اللجنة الدولية للصليب الأحمر (اللجنة الدولية) والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر (الاتحاد الدولي) من تبعات إغفال الاحتياجات الهائلة المتعلقة بالصحة النفسية لدى المتضررين في حالات الطوارئ الإنسانية.

وتزيد احتمالية الإصابة باضطرابات من قبيل الاكتئاب والقلق وحتى اضطراب كرب ما بعد الصدمة بين الأشخاص الذين يعيشون في أماكن متضررة من النزاعات بمقدار ثلاثة أضعاف مقارنة بعامّة السكان. ومن واقع خبرة الصليب الأحمر، فإن الوضع لا يختلف كثيرًا في الأزمات الإنسانية الأخرى مثل الكوارث وحالات الطوارئ الصحية.

وقال الأمين العام للاتحاد الدولي السيد «الحاج آس سي» في كلمة له قبيل انعقاد مؤتمر عن الصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي في حالات الأزمات في أمستردام بهولندا: “هذه الاضطرابات المتعلقة بالصحة النفسية ينشأ عنها – إذا لم تُعالج – جراحًا غير مرئية تُخلف آثارًا سلبية عميقة التأثير وتظل على المدى البعيد، يكابدها الناس والمجتمعات في حالات الطوارئ الإنسانية”.

في حين صرح المدير العام للجنة الدولية السيد «إيف داكور» قائلًا: “إن دعم الصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي من شأنه إنقاذ الأرواح في أوقات الكوارث والحرب والعنف بالقدر ذاته الذي يحدثه إيقاف نزيف من جرح غائر أو توفير مياه نظيفة، فالجراح الخفية لا تقل خطورة على سلامة الناس وقدرتهم على التعافي في أوقات الأزمات”.

غير أنه في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط حيث تقع معظم الأزمات الإنسانية، عادة ما توضع خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي في ذيل الأولويات، هذا فضلًا عن قلة تمويلها وقلة عدد مختصي الصحة النفسية بالنسبة إلى عدد سكانها، إذ يبلغ المعدل موظفيّ صحة نفسية لكل 100 ألف شخص. ونتيجة لذلك، لا يتلقى ثلثا المصابين باضطرابات صحة نفسية شديدة في هذه البلدان أي علاج.

ويسفر عدم علاج هذه الاضطرابات أيضًا عن تعرض هؤلاء المصابين لمزيد من الوصم والنبذ والتمييز ضدهم، ولهذا الوضع تبعات خطيرة على سلامة الشخص وكرامته وصحته، ومن شأنه تقويض قدرة المجتمعات والدول على مواجهة التحديات المتعلقة بالصحة النفسية والتحديات النفسية والاجتماعية على نحو ملائم.

وتابع السيد «الحاج آس سي» قائلًا: “إن الاستثمار في الصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي من شأنه إنقاذ الأرواح، ويجب إدماجه في جميع الاستجابات الإنسانية. نعلم أن التدخلات المبكرة من شأنها الحيلولة دون تطور حالة الحزن لتصبح اضطرابات نفسية شديدة قد يكون لها عواقب أكثر خطورة وأطول أمدًا”.

ولقد ثبت أن لدعم الصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي في بيئات ما بعد النزاع فعالية كبرى؛ فكل دولار يُستثمر في علاج الاكتئاب مثلًا قد يثمر تحسنًا في الصحة بقيمة 5 دولارات. وكذلك فإن وجود متطوعين وكوادر مختصة مُدرَّبة من المجتمعات المحلية مهم جدًا لسد هذه الفجوة في الموارد.

وتدعو اللجنة الدولية والاتحاد الدولي إلى زيادة الاعتراف بالتبعات المتعلقة بالصحة النفسية الناجمة عن الأزمات الإنسانية، كما يدعوان إلى توجيه مزيد من الاستثمارات إلى تعزيز الدور الحيوي الذي تضطلع به الجهات الفاعلة المحلية، لسد الفجوات الحالية في الخدمات في مجال الصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي في أثناء الأزمات الإنسانية.

وعلق السيد «داكور» قائلًا: “نرى اليوم بشكل متزايد مزيدًا من المعاناة التي لا نراها بأعيننا، ولذلك يجب أن تحظى الصحة النفسية بأولوية في حالات الطوارئ الإنسانية وأن تؤخذ على محمل الجد كما هو الحال مع الصحة البدنية”.