ليبيا اليوم لا يعطلها النفط، ولا يعطلها الأمن، ولا الانقسام ليبيا يعطلها الأخطبوط المالي الذي يتحكم في طرابلس.

نقولها بلا خوف: هناك منظومة كاملة وليست أفرادًا حولت العاصمة إلى مركز جباية وابتزاز، تتحكم في المال العام وكأنه ميراث خاص.

منظومة تتصرف في مليارات ليبيا بلا محاسبة، وتُصدر أوامر الصرف بلا ميزانية، وتنفق دون رقابة، وتقرر مصير شعب كامل بقرار موظف غير منتخب.

هذه المنظومة لا تعرف الدولة لكن تعرف الحسابات، ولا تعرف القانون بل تعرف النفوذ، ولا تعرف الوطن لكنها تعرف من يُبقيها في السلطة

طرابلس اليوم ليست عاصمة طرابلس اليوم مصفاة مالية تدخل منها عوائد ليبيا وتخرج منها بلا أثر.

مصرف ليبيا المركزي تحوّل إلى وزارة دولة داخل الدولة، ومجلس الوزراء تحوّل إلى ماكينة توقيع، والمؤسسات تحولت إلى ديكور يُخدع به المواطن.

كيف يعقل أن دولة تنتج النفط منذ عقود ولا تملك كشفًا محاسبيًا واحدًا يفسر أين ذهبت أموال الشعب؟

كيف يعقل أن تُصرف المليارات في طرابلس بينما يموت المواطن في برقة وفزان من نقص الكهرباء والماء والخدمات؟

كيف تُدار ثروات دولة كاملة بعقلية “أعطِ هذا… امنع ذاك… وافتح على هذا… وأغلق على ذاك”؟

هذا ليس اقتصاد دولة بل نظام جباية بدائي يتحكم في 7 مليون إنسان.

المنظومة المالية في طرابلس هي السبب الأول لانهيار الثقة في الدولة، فهي التي دمّرت المصارف، وصنعت أزمة السيولة ورفعت الأسعار، وهي التي عوّمت الفساد وحمت الفاسدين.

ولذلك نقولها بوضوح هذه المنظومة لن تسقط بحوار، ولن تتغير بوعود، ولن تنصلح بتقارير، هذه المنظومة ستسقط فقط عندما يظهر اقتصاد جديد أقوى منها؛ اقتصاد شفاف رقمي، لا يستطيع الفاسدون السيطرة عليه، اقتصاد يكشف أين يذهب كل دينار ويمنع التلاعب ويلغي الفوضى ويعيد القرار المالي للشعب، لا لأذرع الفساد في طرابلس.

نحن لا نهاجم طرابلس؛ ولكن نهاجم منظومة خطفت طرابلس وحوّلتها إلى قلعة تحاصر ليبيا اقتصاديًا.
زمن التحكم من غرفة مظلمة في طرابلس انتهى، والاقتصاد الرقمي الوطني قادم، والمؤسسات المستقلة قادمة، ومعها ستنتهي لعبة الفوضى المالية إلى الأبد.

ليبيا لن يحكمها مصرف، ولن تتحكم فيها لجنة صرف، ولن يبقى فيها صوت أعلى من صوت الشعب، هذا زمن جديد ودولة الظل بدأت تسقط؛ وستسقط بالكامل.