ما كان يجب أن تدركه حكومة الوحدة الوطنية هو أن مهمتها كانت إنقاذ البلاد وإخراجها من النفق المظلم الذي وقعت فيه منذ يوليو 2014 حيث كانت كل الظروف مهيئة لها لتحقيق ذلك.

لكن للأسف أهدرت وأضاعت هذه الفرصة السانحة لتعود ليبيا اليوم مجدداً وللأسف للمربع الأول مربع الفوضى والانقسام والمعاناة وذلك بعد أن كان الليبيين بين قاب وقوسين أو أدنى من الخروج من ذلك النفق.

يجب على جميع الليبيين أن يدركوا بإن لا مجال لهم حتى في التفكير في إصلاح الاقتصاد وتحسين مستوى الخدمات المتدهورة ورفع المعاناة ومحاربة الفساد والنهوض بالتنمية وإصلاح البنى التحتية وغيرها من إصلاحات في ظل انقسام البلد وتشظي مؤسساتها وتكريس مفهم الاستبداد بالسلطة.

لا يجب عليهم الاستماع إلى ما يسوقه وزير الاقتصاد وحكومته بشأن رفع أو استبدال دعم الوقود خاصةً في ظل الظروف الراهنة والعصيبة التي تمر بها البلاد لإن النتيجة محسومة سلفاً وهي زيادة وتفاقم أكثر لمعاناتهم.

وإذا كان الوزير وحكومته حريصين فعلاً على مصالح المواطنين لصارحوهم واعتذروا منهم حيال قرار رفع الدعم السلعي دون مقابل وما سببه لهم من أثار وذلك بعد اعترافه رسمياً في وقت سابق من هذا العام بإن قرابة ‎%‎50 منهم يفتقرون للأمن الغذائي وعليه أن يقر أيضاً إن أسعار الغداء اليوم في ليبيا ارتفعت بنسبة ‎%‎400 تقريباً عن أسعارها في 2015 وإن معظم المواطنين لا يتحصلون على الحد الأدنى من احتياجاتهم الكافية بسبب ارتفاع الأسعار وتأكل قدراتهم الشرائية وشح السيولة.

ومن المؤسف جداً أن تتم مقارنة ليبيا في ظل انقسام وتشظي مؤسساتها وتبهدل معيشة مواطنيها بدول أجنبية مستقرة تقودها حكومات منتخبة وتراقبها سلطات تشريعية موحدة وذلك بهدف تمرير والتسويق لمقترحات غير واقعية نتائجها وتداعياتها كارثية يتعذر تداركها والمواطنين البسطاء فقط هم ضحايا.