يُعتبر قنديل البحر (بالإنجليزية: Cnidaria) من أشهر الحيوانات العضوية البحرية اللافقارية، وينتشر بشكل واسع في جميع مُحيطات الأرض، في المياه الساحلية 50 نوع من القناديل، بينما يوجد 30 نوع منها في أعماق البحار، ومُعظم هذه الأنواع من السباحين النشيطين.[١] تعيشُ قناديل البحر بثلاث مراحل حياة هي:المرحلة الأولى (الولادة والبلوغ)، ومرحلة البراعم اللاجنسية (مرحلة الشباب)، والمرحلة العليا (النهاية والموت)، ويُغير القنديل جنسه في بعض الأنواع مع التقدم في العُمر.
الصفات الشكلية لقنديل البحر
يتكوّن جسم قنديل البحر بشكلِِ أساسيّ من الماء وبنسبة 99% من جسمه، وغالبية أنواعها بلونٍ شفاف، ولكن بعضها بلون وردين أو أصفر، أو أزرق، أو أرجواني، وأجسادها تُنتج ضوء خاص بها، وشكلها ككيس الهُلام، ولكن هذا الجسد لا يحوي عيون أو دماغ أو قلب، ولكَّهُ يحوي فم كبير نسبيًا في وسط فمها، ومنها يأكُل ويطرح الفضلات، ويضخ الماء داخل وخارج جَسده.
يتكوّن جلد قنديل البحر من طبقة سميكة من الأدمة تُشبه الهلام وتُسمى الميزوجليا، ويتراوح قُطر جسم قنديل البحر من 3 مليمترات إلى 3 أمتار حسب نوعها، وطول أذرعه تزيد عن طول جسده، وفي بعض الأنواع كقنديل القطب الشمالي يصل طولها إلى 36.5 متر.
الصفات السلوكية لقنديل البحر
يُمارس قنديل البحر الهجرة الجماعية كأشهر صفاته السلوكية، وتكون بشكل تجمُعات كبيرة من القناديل تصعد من قاع المياه للسطح على شكل زَهرة كبيرة، وغالبًا تحصل مرتين سنويًا، ومن صفاتها أنَّها تتكاثر في الصيف وتموت في الخريف.
ويقضي قنديل البحر أغلب وقت حياته في البحث عن الطعام، أو الهروب من الحيوانات المُفترسة.
كما أنّهُ يتحرك كثيرًا ويدور حول نفسه، ويسبح بسرعة عالية، ويُعدُّ قنديل البحر حيوان قليل الذكاء، فهو لا يملك أعصابًا متطورة ودماغ للتفكير السريع، كما أنَّهُ غير اجتماعي، وخلال النهار غالبًا ما تختبئ من أشعة الشمس إن وِجدَت على السطح، وهي سباحة جيدة ولا تُحرك الماء إلا ببُعد سنتيمترات قليلة من حولها.
وهذا يوفر لها حماية كبيرة من المُفترسات، ويكوِّن تيارًا مائي يجلب الماء الذي يحوي طعامها لمجساتها، وتُدافع قناديل البحر عن نفسها بمجساتها الموجودة على أذرعها، وعندما تتلامس مع جسم الضحية أو المُفترس تُفرز سمًا من أكياس لتشل فريستها.
وأشهر الحيوانات المُفترسة لقناديل البحر هي السلاحف، وطيور البحر، وبعض الحيتان والأسماك، والسرطانات،[٧]وتُصيب لسعات قنديل البحر أكثر من 150 مليون شخص سنويًا، ومُمكن لهذه اللسعات أن تكون مُميتة.
تغذية قنديل البحر
يُعدّ قنديل البحر من الكائنات الآكلة للحوم، فهو يتغذى على الأسماك الصغيرة، وبيض السمك ويرقاته، كما أنَّها تتغذى على النباتات، وتحصل على كمية كافية من الكربوهيدرات الضرورية لها من تناول الطحالب،[٥] وعلى العوالق الحيوانية، وقناديل البحر الأخرى، ويُمكن رؤية فريسة قنديل البحر في بطنه قبل بدء عمليات الهضم.
تكاثر قنديل البحر
تبدأ عمليّة تكاثر قنديل البحر بعد أن يقوم الذّكر البالغ بإطلاق الحيوانات المنويّة في الماء، ثُمّ تقوم هذه الحيوانات المنويّة بالسّباحة لتصل إلى الأنثى، لتقوم بتخصيب البيوض، وبعد فترة يمكن لعشرات اليرقات من قناديل البحر أن تفقس دفعة واحدة، حيث تقوم هذه اليرقات بالسباحة والبحث عن سطح صلب كالصخور لتتثبّت عليه.[٩] تتجمّع اليرقات في هذه المرحلة لتكون عبارة عن جسم أسطواني مفرّغ يسمى (بالإنجليزية: polyps) يحتوي على فوهة من الأعلى، وتتابع نموّها وتسمى في هذه المرحلة بـ (بالإنجليزية: ephyrae) وخلال عدّة أسابيع تنضج هذه القناديل لتصبح بالغة، وتبدأ بالانفصال عن بعضها لتسبح بعيداً، وبعد ذلك تعيش لمدّة زمنيّة قد تصل من ثلاثة إلى ستة أشهر.
أنواع قناديل البحر
تنتمي قناديل البحر لعدة فصائل، ويبلغ عددها في بحار ومُحيطات الأرض حوالي 200 نوع مُختلف، ويُصادف زوار الشواطئ والغطاسون عدد كبير منها، من أبرز أنواعها:
قنديل عُرْف الأسد
يُعدُّ قنديل عُرْف الأسد (بالإنجليزيّة: Lion’s Mane Jellyfish) أكبر القناديل في العالم، ويبلغ طول جسمه حوالي 1.83 متر، بينما تنمو أذرعه لتصل إلى 30 متر، ولونه البرتقالي واضح في الماء.
قنديل قُبعة الفطر
يُعدُّ قنديل قبعة الفطر (بالإنجليزيّة: Mushroom Cap Jellyfish) أحد أنواع القناديل الصغيرة، فجسمه بحجم الكرة الطائرة، وأذرعه أطول من جسمه ولكنَّها لا تحوي مخالب.
قنديل جوز البحر
يُعدُّ قنديل جوز البحر (بالإنجليزيّة: Sea Walnut Jellyfish) أحد أنواع القناديل الصغيرة، وشكله مثل حبة جوزة الهند، ولكنه بلون أبيض صافي، مع أذرع طويلة تُطلق الضوء عند هياج القنديل.
قنديل البحر المدفع
يُشبه قنديل البحر المدفع (بالإنجليزيّة: Cannonball Jellyfish) شكل قنديل قبعة الفطر بشكل جسمه الشبيه بكُرة الطائرة، ولكنه بلون أحمر غامق مع أذرع طويلة.
لسعات قنديل البحر
يشتهر قنديل البحر بلسع الأشخاص الذين يسبحون أو يغوصون في مياه البحر، فعند التقائه بهم فإنهم يتعرّضون لحقنهم بالسّم عن طريق الآلاف من الإبر اللّاسعة المنتشرة بشكل شائك على زوائد قنديل البحر الجسميّة.[١١] وتختلف شدّة اللّسع حسب نوع قنديل البحر وحجمه، وعمر المصاب، وحجمه، ووضعه الصحيّ، بالإضافة لمساحة المنطقة المصابة ومدّة تعرّضها للسع، فمن هذه اللّسعات ما هو طفيف ويظهر على شكل ردّة فعل عكسية متمثّلة باحمرار، وتهيّج جلدي في المنطقة المصابة مع حكاك أو انتفاخ.[١١] وتُصنف بضع لسعات القنديل بالمتوسطة، وتتمثَّل بإصابة مرضيّة شاملة لكافّة أجزاء الجسم كصعوبة التنفّس، والإغماء، والغثيان والقيء، والصداع، ومشاكل العضلات، إلى جانب الأمراض القلبيّة، عمومًا فإنّ هذه اللّسعات يمكن مداواتها منزليّاً، ولكن بعض الحالات الشديدة قد تتطلّب التدخّل الطبيّ.