يتألف جهاز المناعة أو الجهاز المناعي (بالإنجليزية: The Immune System) من شبكة معقدة من الخلايا، والأنسجة، والأعضاء في جسم الإنسان،[١] وهو الجهاز المسؤول عن حماية الجسم من العدوى والمواد التي قد تضر الجسم عن طريق التعرف على المستضدات الغريبة (بالإنجليزية: Antigens) والاستجابة لها، وهي مواد توجد على سطح الأجسام الضارة التي تدخل الجسم؛ حيث يعمل الجهاز المناعي على القضاء أو محاولة القضاء على هذه المواد التي تحتوي على مستضدات على سطحها، ويجدر بالذكر أنّ المستضدات توجد على سطح المواد الحية التي تدخل الجسم مثل: الخلايا الغريبة، والفيروسات (بالإنجليزية: Viruses)، والفطريات، والبكتيريا (بالإنجليزية: Bacteria) أو المواد غير الحيَّة مثل: السموم، والمواد الكيميائية، والجسيمات الغريبة، ومن الجدير بالذكر أنَّ خلايا جسم الإنسان ذاته تحتوي على سطحها على مستضدات، لكنّ الفرق في أنّ الجهاز المناعي يتعرّف عليها على أنّها أجسام طبيعية وليست دخيلة، ولا يقوم بتفعيل عملية الاستجابة المناعية تجاهها؛ أي لا يقوم بمحاربتها في الوضع الطبيعي،[٢] كما تجدر الإشارة إلى أنَّ الجسم يمتلك عدة طرق أخرى إلى جانب جهاز المناعة لحمايته من مسببات العدوى، وفيما يأتي بيان هذه الطرق:
- الجلد: يُعدّ الجلد حاجزاً ضد دخول الماء والأجسام المُمرِضة، ويفرز زيتاً مضاد للبكتيريا.
- الرئتان: حيث تفرز الرئتان المخاط المُسمّى بالبلغم، الذي يحتجز الأجسام الغريبة والممرضة، وتعمل شعيرات صغيرة تسمى الأهداب على تحريك البلغم للأعلى ليتم إخراجه من الجسم عن طريق السعال.
- القناة الهضمية: حيث تحتوي البطانة المخاطية للقناة الهضمية على أجسام مضادة (بالإنجليزية: Antibodies)، كما يقوم الحمض الموجود بالمعدة بقتل معظم الجراثيم.
- طرق دفاعية أخرى: والتي تتضمن سوائل الجسم مثل: الدموع واللعاب، والتي تحتوي على انزيمات مضادة للبكتيريا، والتي بدورها تساعد على التقليل من خطر الإصابة بالعدوى، كما يساعد التفريغ المستمر الطبيعي للمسالك البولية والأمعاء على حماية الجسم من العدوى.
مكونات جهاز المناعة
يتكون جهاز المناعة من الآتي:
- كريات الدم البيضاء: (بالإنجليزية: White Blood Cells) تُعدّ كريات الدم البيضاء عنصراً رئيسياً في الجهاز المناعي، ويتم تصنيعها في نخاع العظم، وتضم الخلايا الليمفاوية مثل: الخلايا البائية (بالإنجليزية: B-Cells)، والخلايا التائية (بالإنجليزية: T-Cells)، والخلايا القاتلة الطبيعية (بالإنجليزية: Natural Killer Cells)، وأنواع أخرى من الخلايا المناعية، ومن الجدير بالذكر أنَّ خلايا الدم البيضاء تتحرك في الدم والأنسجة في جسم الإنسان، بحثًا عن مسببات الأمراض مثل: البكتيريا، والفيروسات، والطفيليات، والفطريات، بهدف القضاء عليها في حال وجودها،[٣] وفي سياق الحديث عن كريات الدم البيضاء يجدر بالذكر أنّ الجهاز المناعي يتعرّف على المستضدات التي ذكرناها سابقاً والموجودة على سطح المواد الضارة، من خلال بروتينات متنوعة تُصنّعها أحد أنواع خلايا الدم البيضاء تُعرف بالأجسام المضادة، حيث يتعرف ويرتبط كل نوع من الأجسام المضادة بنوع مستضد واحد معين، وهدف هذا الارتباط هو التعرّف على المادة الضارة وتحفيز استجابة مناعية للقضاء عليها، وتجدر الإشارة إلى أنّ بعض الأجسام المضادة يقضي على المادة الضارة التي يوجد المستضد على سطحها مباشرًة وبعضها الآخر يُحفز كريات الدم البيضاء على القضاء عليها.
- الطحال: يعد الطحال أكبر عضو داخلي تابع للجهاز المناعي، ولذلك فإنَّه يضم أكبر عدد من خلايا الجهاز المناعي، حيث يتدفق حوالي 25% من الدم الخارج من القلب بكل دقة إلى الطحال، ويقوم الطحال بتصفية الدم أثناء سريانه في الطحال للكشف عن الجراثيم، وتجدر الإشارة إلى أنَّه عند الكشف عن وجود جراثيم يتم تفعيل خلايا الجهاز المناعي وزيادة عددها، لتقوم بإبطال مفعول المواد المُمرِضة.
- العقد والأوعية اللمفاوية: العقد الليمفاوية هي أنسجة مليئة بالخلايا المناعية وموزعة بشكل استراتيجي في مختلف أنحاء الجسم، وقد يكون بعضها معروف بين الناس أكثر من غيره؛ فمثلًا معظم الأشخاص يعرفون أنّ اللوزتين والغُدَّانيات (بالإنجليزية: Adenoids) عقد ليمفاوية توجد في الرقبة، ولكن لا يعرفون لطخات باير (بالإنجليزية: Peyer’s Patches) وهي عقد ليمفاوية موجودة في الأمعاء، وغيرها هناك الكثير من العقد الليمفاوية غير المُسمّاة والمنتشرة بكثرة في جسم الإنسان.
- نخاع العظم: وهي أنسجة إسفنجية تُوجد داخل عظام الجسم، وتمثل موقع تصنيع كريات الدم البيضاء، بالإضافة لكريات الدم الحمراء التي يحتاجها الجسم لحمل الأوكسجين، والصفائح الدموية والتي يحتاجها الجسم لتخثر الدم.
- الغدة الزعترية: تُعدّ الغدة الزعترية أحد الأعضاء اللمفاوية المهمة، وتوجد أمام القصبة الهوائية، حيث تقوم بتصفية ومراقبة مكونات الدم، كما تنتقل الخلايا الليمفية التائية غير الناضجة (أحد أنواع خلايا الدم البيضاء) بعد تصنيعها في نخاع العظم إلى الغدة الزعترية لتنضج هناك.
أنواع المناعة بجسم الإنسان
تجدر الإشارة إلى أنَّ هناك ثلاثة أنواع لمناعة الإنسان، المناعة الطبيعية، والمناعة المكتسبة، والمناعة المستعارة، وفيما يلي بيان لأنواع المناعة المختلفة هذه:
المناعة الطبيعية: يولد جميع الأشخاص بمناعة طبيعية أو فطرية (بالإنجليزية: Innate Immunity)، وهي نوع حماية عام للإنسان، على سبيل المثال: الجلد حيث يعمل كحاجز يمنع دخول الجراثيم إلى الجسم، كما يساعد عذا النوع من المناعة الجهاز المناعي على التعرّف على بعض الأجسام التي تغزو الجسم على أنّها غريبة، وقد تكون خطيرة.
المناعة المكتسبة: (بالإنجليزية: Acquired Immunity) وهي المناعة التي يكتسبها الإنسان وتتطور مع مرور الوقت لديه خلال حياته وتقوم بحمايته من الجراثيم، حيث يُصنّع الجهاز المناعي أنواعاً متنوعة من الأجسام المضادة لجراثيم مختلفة عند التعرض إليها لأول مرة، وبعد ذلك تهاجم الأجسام المضادة أياً من هذه الجراثيم إذا دخلت الجسم مرة أخرى، بمعنى آخر يمكن القول أنّ الجهاز المناعي يتذكر أعدائه السابقين ويقضي عليهم من خلال الأجسام المضادة التي تتعرف عليهم.
المناعة السلبية أو المناعة اللافاعلة: (بالإنجليزية: Passive Immunity) حيث يستعير جسم الإنسان هذا النوع من المناعة من مصدر آخر، ولكنّها لا تستمر إلى الأبد، فعلى سبيل المثال: يستقبل الجنين وهو في رحم أمّه أجساماً مضادة من الأم عن طريق المشيمة، وعن طريق حليب الثدي أثناء الرضاعة، حيث تساعد المناعة المستعارة على حماية الطفل من أنواع معينة من العدوى خلال السنوات المبكرة الأولى من حياته.
التحصين: (بالإنجليزية: Immunizations) وذلك عن طريق اللقاحات أو المطاعيم، وتتم عادة عن طريق حقن مستضد لأحد الجراثيم أو جرثومة ضعيفة في الجسم، بهذه الطريقة لا يمرض الشخص، وإنّما ينتج جهازه المناعي أجساماً مضادةً تتعرف على هذا النوع المحدد من الجراثيم، لتقضي عليها إذا تعرّض لها الجسم في المستقبل.
تقوية جهاز المناعة
من الصعب معرفة كيفية تقوية وتعزيز جهاز المناعة لعدة أسباب أولها أنَّه جهاز؛ أي يتألف من عدة أجزاء يجب أن تعمل جميعها بتوازن وانسجام لكي يعمل الجهاز بكفاءة، ولا يزال هناك الكثير مما لا يعرفه الباحثون عن تعقيدات الاستجابة المناعية وترابطها، ولم يستطع العلماء حتى الآن تقديم إثباتات علمية على العلاقة بين نمط أو نظام الحياة للفرد وتعزيز كفاءة الجهاز المناعي، إلّا أنّهم ما زالوا يدرسون تأثير نمط الحياة مثل الغذاء الصحي، والتمارين الرياضية، والتوتر النفسي، وعوامل أخرى على الاستجابة المناعية للإنسان والحيوان، وحتى ذلك الوقت يمكن اتباع استراتيجيات الحياة الصحية بشكل عام والتي قد يكون لها دور في تقوية وتعزيز جهاز المناعة،[١٣] وفيما يأتي بيان لبعض منها:
- اختيار الأطعمة الكاملة وغير المصنعة: ومن الأطعمة التي قد تساعد على تعزيز وتقوية جهاز المناعة :الثوم، والأطعمة الغنية بفيتامين C، والفواكه والخضار الغنية بمضادات الأكسدة مثل: التوت والسبانخ، بالإضافة إلى الأطعمة الغنية بالبريبيوتيك (بالإنجليزية: Prebiotics) مثل: الخرشوف والموز، والتي تساعد على تعزيز بكتيريا الأمعاء النافعة.
- الحصول على قدر جيد من النوم: حيث يحتاج الشخص للحصول على قدر جيد من النوم، يُقدّر بحوالي 7-8 ساعات في كل ليلة لتعزيز صحة ومناعة الجسم.
- التأمل: فحتى خمس دقائق من التأمل الموجه، أو الجلوس بهدوء والتركيز على التنفس بعمق قد تصنع فرقًا في صحة الشخص.
- ممارسة التمارين الرياضية: حيث تزيد ممارسة الرياضة من مرونة الشخص، وقد تزيد من كفاءة الجسم في محاربة العدوى، بالإضافة إلى أنَّ أجهزة جسم الإنسان المختلفة تعمل بكفاءة أكبر إذا كان الفرد يمارس الأنشطة الجسدية بشكل منتظم.
- تناول المكملات الغذائية المعززة للمناعة: فبعض المكملات الغذائية التي يمكن الحصول عليها من الصيدليات قد تساعد على تعزيز المناعة مثل: المكملات التي تحتوي على فيتامين ب6، أو فيتامين C، أو فيتامين E، كما يُعدّ فيتامين د مهماً لعمل الجهاز المناعي، ويعاني الكثير من الأشخاص من نقص في فيتامين د، ولذلك ينصح بالإضافة إلى التعرض للشمس بفحص مستوى فيتامين د، وتناول مكملات أو أقراص فيتامين د إذا وجد مستوى فيتامين د منخفضاً.
- استخدام بعض أنواع الزيوت العطرية: تحتوي بعض الزيوت على خصائص مضادة للفيروسات، وبعضها له تأثير مهدئ، ومن الأمثلة عليها: زيت اليوكاليبتوس وزيت شجرة الشاي، لذلك قد تساعد بعض الزيوت العطرية على حماية الإنسان من الإصابة بالفيروسات كما تساعد على تخفيف القلق وتحسن النوم.