لا دخان بلا نار ، ولا يوجد ردة فعل من دون فعل في الأساس ، والحالة النفسية لشخصية الإنسان بشكل عام هي الأساس ، وسلوكياتها وإنعكاس وترجمة حالتها المعنوية إلى أفعال هي ردود الأفعال عن تلك الأفعال ، وهنا جاء دور الخط ليكون شاهداً على ماهية الشخصية وحالتها السيكولوجية بأدق التفاصيل وبهامش من الخطأ جداً ضئيل ، من منا لم يلاحظ حين غضبه وإنفعاله أن خطه يتغير ويضطرب ويكاد المرء نفسه لا يستطيع تمييز خطه بعد ذلك ، ومن نفس المبدأ نجد أن خط الإنسان يتغير كذلك في حالات الخوف والفرح والألم والنعاس والعطش والجوع والخجل وهلم جره ، ومن هنا جاءت نظريات تحليل الشخص من خلال إنعكاسها على الخط ، وذلك بعد تراكم العديد من التجارب والإستدلالات المخبرية والإستبيانات النفسية على كافة الناس ، وشيئاً فشيئاً أصبح هذا العلم رائداً وله مدارسه وأساتذته وعلماؤه وباحثيه ومستكشفيه ، وأطلق على هذا العلم إسم علم الجرافولوجي أي المقصود بذلك أن الجرافولوجي هو علم تحليل الخط وكذلك التوقيع .
وهو أيضا يمكن تعريفه على أنه هو علم وفن تحديد شخصية صاحب الخط الكاتب ، و تحديد نوعية إنفعالاته وذلك من طريقته في الكتابة أي بالتعريف العلمي هي شكل الخط المكتوب على الورق.
أما المختص والمتمرس والبارع في هذا العلم فيطلق عليه لقب جرافولوجست والتي تعني أنه ذلك الشخص الخبير والمتمكن في تحليل الخط .
أما متى وكيفية نشوء هذا العلم فقد كانت هناك محاولات تاريخية كثيرة وذلك لتفسير رسومات الإنسان وكتاباته وخطوطه ولكن المحاولات الأولى الجديرة بالإهتمام وإلقاء الضوء عليها في تحليل الخط فقد بدأت وتمت عن طريق الشاعر المعروف الأمريكي الكبير إدجر ألين ، و ذلك عندما قام بالشروع بتحليل بعض خطوط اليد ومحاولة تفسيرها وتحليلها وقام بنشرها مطلقاً على هذا العلم اسم علم الأوتوجرافيري.
ولكن لم تكن هناك أية ملامح إنتشار جادة وذات قيمة لهذا العلم إلى أن جاء ذلك العالم كاميلو بالدو من إيطاليا والذي كان صاحب أعلى درجة أكاديمية في الطب وفي علم النفس وقيامه بنشر كتابٍ حول كيفية تحليل الخط وذلك في العام ستمائة واثنين وستين بعد الألف عام وقيامه بوضع وإنشاء وإقامة الأسس لهذا العلم الذي على درجة قصوى من الأهمية ولهذا السبب فقد تم إعتباره على أساس أنه الأب الروحي لما يسمى علم تحليل الخط.
ثم بعد ذلك جاء من بعده قسيسان فرنسيان معروفان هما القسيس أبي فلاندرن و أحد طلابه وتلامذته وهو القسيس أبي جين اللذان قاما كلاهما بإبتكار و وضع الكثير و العديد من المبادئ ومن الأسس ومن القواعد من أجل تحليل الشخصيات ،و قاما بنشر كتابين ، الكتاب الأول تم نشره من قبلهما في العام ثمانمائة و واحد وسبعين بعد الألف ، والكتاب الثاني قاموا بنشره في العام ثمانمائة وثمانية وسبعين بعد الألف ومن هناك تمت صياغة المصطلح المسمى بالجرافولوجي لأول مرة في التاريخ الإنساني.
وفي تلك الحقبة من الزمن فقد عرف الجرافولوجي وقتها على أنه هو ذلك العلم والذي يقوم بالبحث في معرفة الناس وذلك من خلال طريقة خط الكتابة عندهم ، وبعد أن تم هذا الأمر على يد القسيسين سابقي الذكر أعلاه ، فقد بدأ من بعدهما إنتشار هذا العلم في كلٍ من فرنسا و كذلك ألمانيا وفي العديد من الدول الأوروبية لينتشر ويجد قبولاً حسناً بعد ذلك في الولايات المتحدة في بدايات عام تسعمائة وخمسة عشر بعد الألف ،وذلك بفضل العالم الفذ المبتكر بيكر الذي قام بتأسيس الجمعيةالأمريكية لتحليل الخط والتي تعد اللبنة الأولى في تدريس هذا العلم الهام.