عاش أهالي وسكان العاصمة طرابلس ليلة مروعة بسبب الاشتباكات المسلحة بجانب حديقة سوق الثلاثاء، التي ترتادها العائلات والأطفال للترفيه واللعب، إلا أن الرصاص الذي أمطر المكان جعل من المكان أشبه بفيلم رعب، بسبب صراخ الأطفال والنساء وركضهم في كل الاتجاهات.

غداة الاشتباكات، تعددت المواقف المحلية والعربية والدولية بين التنديد والتحذير والدعوة لضبط النفس والهدوء، والإسراع في تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، لإيقاف مثل هذه الممارسات ضد المدنيين بالعاصمة.

الفوضى تهدّد الأبرياء

قال رئيس الحكومة الليبية فتحي باشاغا إنه حريص أشد الحرص على حماية المدنيين وحرمة الدم الليبي، وأن أرواح الأبرياء صارت مهددة جراء الفوضى. وأكد باشاغا في بيانه، السبت، أنه لا يمكن للأمن أن يستتب وللسلام أن يستقر دون وجود دولة تحظى سلطاتها بالشرعية الدستورية والقانونية، وهذا يحثنا على المضي قدماً نحو الانتخابات البرلمانية والرئاسية.

من جانبه قال رئيس الحزب الديمقراطي محمد صوّان إن ما جرى في طرابلس من مشاهد للعائلات والمدنيين وهم يفرّون من المواجهات بشتى أنواع الأسلحة أمر مؤسف جداً ومخزٍ.

وأكد صوان أن هذه الحكومة ليس في دائرة اهتمامها ولا مقدرتها معالجة الأزمات، ولم تقدم أي رؤية لإيجاد حلول، لا في الملف الأمني ولا غيره، مشيرًا إلى أن هذه الحكومة من أفشل الحكومات التي مرت على ليبيا، ومزقت ما تبقى منها.

انزعاج وقلق عربي

وأعرب الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيظ عن انزعاجه إزاء الاشتباكات التي شهدتها العاصمة طرابلس ليلة البارحة، مهيبًا بجميع الأطراف الليبية الحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار، والحيلولة دون انهياره، باعتباره المنجز الأبرز والأهم الذي شهدته الساحة الليبية منذ أكتوبر 2020.

هذا وحذر أبو الغيظ من عودة خيار الاحتكام إلى السلاح مجددًا في ليبيا، التي لم تجنِ من ورائه سوى إراقة الدماء وإهدار ثروات البلاد دون طائل، حاثًا الليبيين إلى مواصلة لقاءاتهم وحواراتهم بزخم أكبر من ذي قبل، للوصول إلى توافق عريض حول القاعدة الدستورية اللازمة لإجراء الانتخابات الوطنية في أقرب وقت ممكن.

من جانبها الجزائر أعربت عن قلقها الكبير من تطورات الأوضاع في ليبيا، على إثر الاشتباكات التي شهدتها العاصمة طرابلس، محذرة جميع الأطراف الليبية من مغبة إعادة البلاد إلى مستنقع الفوضى.

وأدانت الجزائر في بيانها اللجوء إلى العنف بجميع أشكاله، داعية إلى التعقل والاحتكام إلى لغة الحوار والمصالحة، والعمل على الحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار صونا لدماء الليبيين، وحفاظا على أمنهم وسلامتهم.

الموقف الدولي بين التحذير والصدمة

أعربت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا في بيانها عن قلقها إزاء الاشتباكات التي حدثت الليلة الماضية بين مجموعات مسلحة في العاصمة طرابلس، داعية الأطراف الليبية الأمنية والسياسية إلى ضبط النفس، والتحلي بصفات القيادة المسؤولة وحل جميع الخلافات.

وأضافت البعثة أن هذه الاشتباكات عرضت المدنيين للخطر، وهذه التطورات التي تحدث في فترة شديدة الحساسية، وفي ظل استقطاب واسع على الصعيد السياسي، حيث تبذل الأمم المتحدة والشركاء الدوليين والأطراف الليبية المعنية جهوداً حثيثة في سبيل حلحلة الأوضاع، بما في ذلك عبر المحادثات الرامية لوضع إطار دستوري، يمكّن من تنظيم انتخابات وطنية في أقرب فرصة ممكنة.

بدوره قال السفير الأمريكي في ليبيا ريتشارد نورلاند إنه لا ينبغي أن تستمر مثل هذه الاشتباكات أو تتصاعد، مؤكدًا على أن مسؤولي هذه الاشتباكات سيدفعون الثمن من الشعب الليبي والمجتمع الدولي.

وفي السياق ذاته، قال رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدي ليبيا خوسيه ساباديل، في تغريدة عبر تويتر إن ما حدث من اشتباكات في سوق الثلاثاء هو مخزٍ ويمثل صدمة، مشدداً على ضرورة أن تبقى الأماكن العامة في طرابلس ملك للعائلات وليس للرجال المسلحين.

تأتي هذه التطورات قبل أيام من ختام جولة اجتماعات القاهرة المقررة بين لجنتي النواب والأعلى للدولة، التي بدأتها المستشارة الأممية ستيفاني ويليامز، تحضيرًا لاستئناف جولات المفاوضات الدستورية، من أجل التوصل إلى إطار دستوري للانتخابات المؤجلة منذ 24 ديسمبر الماضي.