قال أستاذ ودكتور الاقتصاد وعضو هيئة التدريس في الأكاديمية الليبية، يوسف يخلف مسعود، إن الاقتصاد الليبي يعاني من حالة ضعف هيكلي بسبب الاعتماد الكبير على صادرات النفط الخام، والذي قدر وفق التقارير الرقابية للفترة 2012- 2022 بنحو 94% في المتوسط من اجمالي الايرادات العامة للبلد.
وفي تصريح خاص بشكل لام أوضح يخلف أن الاقتصاد الليبي يعتمد بشكل رئيسي على تقلبات أسعار النفط، ما يجعله عرضة للصدمات الخارجية.
وأضاف أستاذ الاقتصاد بالجامعة الليبية أن البلاد تواجه تحديات خطيرة من حيث تفاقم العجز الداخلي والذي تجاوز 84 مليار د.ل وفق للتقرير الأخير المسرب لديوان المحاسبة، وكذلك تآكل الاحتياطيات من العملات الأجنبية، ما يضع مزيداً من الضغوط على القدرة المالية للدولة.
ورجح يخلف التداعيات الاقتصادية إلى عدة أسباب من بينها:
الاعتمادات المصرفية:
التي تمثل أداة الاستيراد غير المقيدة هي نقطة ضعف كبيرة.
تتيح هذه السياسات لتجار العملة تسريب الأموال في السوق السوداء عبر قنوات غير قانونية، ما يؤدي إلى زيادة الطلب على الدولار وارتفاع الأسعار في السوق الموازي.
التضخم وارتفاع أسعار العملة المحلية:
ومن أبرز أسبابه ضعف صانع القرار الاقتصادي، وخاصة المسئول عن السياسة النقدية بالبلد، فطباعة عملة محلية بمقدار 115 مليار د.ل (وفق بيانات المركزي) وبدون ربطها بإنتاج حقيقي أو خلق قيمة اقتصادية مضافة يؤدي إلى ارتفاع التضخم.
هذا يعني أن القيمة الحقيقية للنقد المحلي تتآكل بشكل مستمر، مما يضع ضغطًا على قدرة الحكومة على تلبية احتياجات موظفي القطاع العام والإنفاق العام.
كما أن ارتفاع التضخم وعدم استقرار الأسعار يزيدان من تكاليف المعيشة ويجعل من الصعب على الحكومة دفع المرتبات دون تقليص في القيمة الحقيقية للرواتب.
مؤشر الفساد:
الفساد المستشري بالاقتصاد الليبي وعلى كافة الاصعدة يفاقم المشكلة.
ويظهر ذلك في الإنفاق العشوائي، وغياب الموازنات الفعالة، والإنفاق المستقبلي غير المدروس وفقا لإشارة له في تقرير ديوان المحاسبة لسنة 2023 ص 18.
إن هذا النظام المالي المتهالك يجعل من الصعب تنفيذ سياسات مالية ذات جدوى اقتصادية، تؤدي إلى استقرار الاقتصاد. وفقاً لمؤشر مدركات الفساد، حيث يتم تصنيف ليبيا خلال لعقد ونيف الأخير كواحدة من أكثر 10 دول فساداً في العالم، هذا يعني أن الأموال المخصصة لبرامج التنمية أو لدفع الرواتب غالباً ما تنفق بشكل غير فعال أو تذهب في أوجه الفساد المختلفة كالإنفاق الترفي والمظهري.
الإنفاق على المؤسسات العسكرية والكهرباء:
الإنفاق العسكري المهول والذي تجاوز الاتفاق ضمن الترتيبات المالية العشوائية، ليخصص له انفاق مستقبلي في ظاهرة فريدة من نوعها بعلم اقتصاديات المالية العامة فقد اظهر التقرير المسرب لديوان المحاسبة لسنة 2023 ص 18 أنه تم منع وزارة الدفاع كموازنة مستقبلية مبلغ 6.227 مليار د.ل ولشركة الكهرباء 1.350 مليار د.ل فضل عن الميزانية استثنائية للكهرباء 9 مليار د.ل، لن ليزيدان من الضغوط على الموازنة العامة ويحولان الأموال عن القطاعات الحيوية مثل الصحة والتعليم.
وأضاف دكتور الاقتصاد في الأكاديمية الليبية أن مثل هذا الإنفاق قد يؤدي إلى اختلال التوازن بين الإنفاق على البنية التحتية الأساسية وبين احتياجات المواطنين، خصوصًا موظفي القطاع العام.
وتعليقا على عجز الحكومة عن دفع الرواتب قال يخلف إن مؤشرات العجز الذي ظهر بتقرير ديوان المحاسبة الاخير والذي بلخ كما نوهنا أنفا 64 مليار د.ل، مع العجز المتوقع أن تواجهه الحكومة في دفع مرتبات موظفي القطاع العام هي نتيجة لتراكم العوامل التالية:
مضيفا أن انخفاض الاحتياطيات من العملات الأجنبية: تآكل الاحتياطي النقدي يحد من قدرة المصرف المركزي على توفير الأموال اللازمة لتغطية الالتزامات المالية، بما في ذلك الرواتب.
الإنفاق العام غير المنظم:
الإنفاق العشوائي والفساد المستشري يعرقلان قدرة الحكومة على تخصيص الأموال للقطاعات الضرورية، بما في ذلك دفع الرواتب.
التضخم الكبير:
الطباعة المفرطة للعملة أدت إلى زيادة التضخم، ما يعنى أن قيمة الرواتب المدفوعة في الأشهر المقبلة ستكون أقل بكثير من قيمتها الحقيقية.
الاعتماد على النفط فقط:
تذبذب أسعار النفط يمكن أن يعوق تدفق الإيرادات الخارجية ويؤدي إلى نقص السيولة اللازمة لدفع الرواتب.
عدم وجود موازنة تقديرية واضحة:
غياب خطة مالية مدروسة يزيد من الضغوط المالية ويجعل من الصعب التحكم في العجز والإنفاق.
سوء ادارة الاستثمارات الداخلية والخارجية:
مما جعلها لا تحقق اي قيمة مضافة لاقتصاد البلد، بلد تعد اموال قد تعصف بها مخاطر الفساد او الضياع بسبب عدم كفاءة من يديرها وكذلك تغول الدول المضيفة لتلك الاستثمارات كما حدث ويحدث في بعض دول أوربا الغربية وافريقيا.
وختم دكتور الاقتصاد تصريحه الخاص بشبكة لام بقوله، العجز المحتمل في ، فالحلول المؤقتة مثل طباعة العملة أو استخدام الاحتياطات النقدية قد توفر أموالاً لفترة قصيرة، ولكنها تؤدي إلى تفاقم التضخم وتزيد من عمق الأزمة الاقتصادية.
ولتجنب هذه المشكلة، يحتاج البلد إلى إصلاحات هيكلية جذرية في إدارة الموارد المالية، وكذلك في محاربة الفساد وتقوية المؤسسات المالية بشكل أكثر فعالية لضمان الاستدامة المالية في المستقبل