أمضت عدة مناطق في أنحاء ليبيا، وخصوصاً العاصمة طرابلس، عدة ليال في ظلام دامس، إثر انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة بسبب «طرح الأحمال»، ما اضطر عدداً كبيرا من المواطنين للخروج إلى الشوارع للاحتجاج، والتنديد بالحكومة.
وعلى مدار الأسبوعين الماضيين، شهدت مناطق ليبية، ومن بينها تاجوراء بشرق العاصمة، حالة من الغضب بسبب انقطاع الكهرباء لمدد تزيد عن 10 ساعات على مدار اليوم، وتسبب ذلك في إقدام المواطنين على إغلاق مفترق طريق «البيفي» بالمدينة.
وتباينت آراء الليبيين في تحميل وئام العبدلي، رئيس مجلس شركة الكهرباء المقال، المسؤولية عن ضعف شبكة الكهرباء، لكنهم أجمعوا على «فشل» عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية»، في حل الأزمة لأنه وعد منذ تسلمه السلطة قبل عام ونصف العام بـ«حلها بشكل نهائي».
وأرغمت أزمة انقطاع الكهرباء سكان طرابلس، وعددا من المدن الليبية، ولا سيما في مناطق الجنوب، إلى الاستعانة بمولدات الكهرباء، لكنهم لفتوا أيضاً إلى ارتفاع أسعار الوقود، في ظل توقف البلاد عن الإنتاج وتصدير النفط، مشيرين إلى تضرر مصالحهم ومزارعهم بسبب انقطاع التيار لفترات طويلة على مدار اليوم.
وتحدث سليمان البيوضي، رئيس حزب «التجديد»، عن «تصاعد وتيرة انقطاع الكهرباء حتى تحولت إلى ما يشبه انقطاعا مقننا»، مبرزا أن حكومة «الاستقرار» الجديدة، التي يرأسها فتحي باشاغا، والتي اتهمها بـ«تعطل إمداد البلاد بالغاز، تسعى لنفي تورطها في ذلك».
كما انتقد البيوضي الدبيبة بحجة أن «كل وعوده بحل الأزمة تبخرت ومعها المليارات»، لافتاً إلى أن المواطنين «هم وحدهم من يدفعون ثمن العبث والفساد والتهميش والتفقير والافتراس».
ومع تصاعد حدة الغضب، أقدم ليبيون على إغلاق بوابة «وادي كعام» على الطريق الساحلي بين مدينتي زليتن والخمس (شرق طرابلس)، احتجاجاً على انقطاع الكهرباء طوال يوم أمس، لكن مسؤولين عسكريين نفوا ذلك، مؤكدين أن الأمور تسير بشكل طبيعي في البوابة.
وفي قصر بن غشير (جنوب العاصمة) أضرم محتجون النار في إطار السيارات، احتجاجاً على طرح أحمال الكهرباء لمدد متفاوتة. علما بأنه سبق للشركة العامة للكهرباء إعفاء بعض البلديات الملتزمة بتخفيض الكهرباء من عملية طرح الأحمال.
وكان الدبيبة قد أمر مطلع الأسبوع الماضي بإيقاف مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء عن العمل، وإحالته إلى التحقيق الإداري، وتكليف مدير شركة الخدمات العامة محمد إسماعيل مديراً عاماً بشكل مؤقت، والعمل تحت إشرافه المباشر.
وقال إنه سيناقش تشكيل مجلس إدارة جديد للشركة العامة للكهرباء، خلال اجتماع الجمعية العمومية للشركة في 17 يوليو (تموز) المقبل. وفي منتصف الأسبوع الماضي، تظاهر مواطنون في مناطق عدة بطرابلس، بداية من تاجوراء، مرورا بسوق الجمعة وبعض شوارع طرابلس، احتجاجا على الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي مع ارتفاع درجة حرارة الطقس. معبرين عن غضبهم بحرق إطارات السيارات وإغلاق الشوارع.
وحذرت حكومة «الوحدة» على لسان المتحدث باسمها، محمد حمودة، من أن أزمة إمدادات الغاز الناتجة عن وقف إنتاج، وتصدير النفط تسببت في فقدان قرابة 1000 ميغاوات من إنتاج الشبكة العامة للكهرباء، وقال إن هذه «الأزمة ستتفاقم وتتضاعف نتيجة الإغلاق».
ووقعت الشركة العامة للكهرباء مع شركة «دبليو سولار انفستمنت» الإماراتية مذكرة تفاهم في قطاع الطاقة الخضراء في ليبيا؛ لبناء محطات توليد الطاقة الشمسية الكهروضوئية. فيما أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط حالة «القوة القاهرة»، وعلقت العمليات في ميناءين نفطيين مهمين في الشرق، في وقت يستمر فيه إغلاق ستة حقول نفطية في جنوب وشرق البلاد. وقد تسبب هذا الإغلاق في خسارة أكثر من 600 ألف برميل، في حين أن ليبيا التي تنعم بأكبر احتياطيات في أفريقيا، كان يبلغ متوسط إنتاجها 1.2 مليون برميل يومياً.
المصدر: الشرق الأوسط