مشكلتنا في ليبيا كبيرة ومعقدة ونحن السبب؛ الأنا لدينا متضخِّمة جدًا ويصعب علاجها.. نحن مجتمع لم يتعلم الحوار الهادف ولا التفكير الناقد.. لقد جُبِلنا على العناد والمناكفة ولم نبذل أي جهد للاستفادة من تجارب الآخرين.
سياسيو الصدفة الذين خدعونا فانتخبناهم أو فُرِضوا علينا بالمحاصصة ويتحكمون في مصيرنا لا يؤمنون بالتخصص وتقسيم العمل، ويسيطر عليهم الجهل ووهم أنهم قادرون على كل شيء، ومستعدون لتولي أي منصب دون مساعدة خبير، ويكرهون العمل كفريق. إنهم لا يقبلون رأي الخبراء ويعتقدون أن آراءهم هي الوحيدة الصائبة، وغير مستعدين لأي نقاش لأنهم يخافون الهزيمة بالحجة. . إنهم يرحبون بالمديح ويقربون المدَّاحين ويعادون الناقدين، ولا يثقون في نوايا غيرهم، ويصدِّقون ما يقوله الأجنبي ويكذِّبون الليبي، ويتناسون أن الأجنبي يسعى لمصالحه فقط ولا تهمه مصالحنا. لا أحد منهم يريد التنازل عن طموحاته الشخصية حتى لو كانت غير واقعية، وهذا جعل الكثير من مسؤلينا عملاء لقوى أجنبية بعلم أو بدون علم، وجعل القوى الأجنبية تتحكم في مصيرنا وفق استراتيجيات محددة وبتكتيكات متغيرة وأدوات محلية.
نحن في حاجة إلى صدمة عنيفة توقضنا من سباتنا، وتخرجنا من آلامنا وأوهامنا، وتدفعنا لتجاوز الماضي والاعتراف بحدود قدراتنا الشخصية، والتنازل عن طموحاتنا التي تتجاوز قدراتنا لصالح من هو أكفأ منا بمعايير العلم والخبرة، لنقيم بلدًا حرًا ومزدهرًا وآمنًا وعادلًا.
نحن في حاجة إلى التنازل عن جنسيات أوطاننا البديلة إذا كنا فعلًا نؤمن بأن ليبيا هي بلدنا الذي لا بديل عنه، ونرغب في المشاركة في بناءها والعيش فيها وخدمتها لا خدمة مصالحنا الشخصية.
نحن في حاجة إلى أن نقدم الأكفأ والأكثر خبرة والأجدر بالمناصب العليا لكي نبني سويًا بلدًا يأخذ مكانه اللائق بين الأمم.
نحن في حاجة إلى أن ندرك بأن المسؤول خادم للشعب وليس حاكمًا له وأنه تحت القانون وليس فوقه.
نحن في حاجة إلى أن نعترف بأن بلادنا تعج بالكفاءات المهنية النزيهة في مختلف المجالات وحان الوقت للدفع بها إلى مواقع اتخاذ القرارات وإدارة مؤسسات الدولة.
نحن في حاجة الى إبعاد المتسلقين الواهمين عن مراكز اتخاذ القرارات لنوقف جرّ البلاد إلى الهاوية.
نحن في حاجة الى اختيار المسؤولين من بين العاملين بالمؤسسات اذا اردنا بناء مؤسسات قوية وفاعلة.
نحن في حاجة عاجلة إلى التخلص من طبقة سياسيي الصدفة الذين اتت بهم المحاصصة وداسوا على كرامة المواطن وسيادة الدولة.
علينا ان نقر بأن:

  • السعي للمناصب السيادية مع الاحتفاظ بالجنسية الأجنبية يتناقض مع الوطنية ودليل كافٍ على ازدواجية الولاء وأن ليبيا ليس لها الأولوية في قلوبنا.
  • حمل السلاح خارج المنظومة الرسمية للمؤسسات العسكرية والأمنية يتناقض مع الوطنية.
  • تزوير المؤهلات العلمية للحصول على المناصب والوظائف جريمة واعتمادها من الجهة المعنية شهادة زور وخيانة للأمانة وكلاهما يتناقض مع ادعاء الوطنية.
  • القبول بأي تواجد عسكري أجنبي على الأراضي الليبية انتهاك لسيادة ليبيا ويتناقض مع عدم انحيازها وخيانة لشعبها.
  • الوطنية هي الاستعداد للتنازل عن كل شيء من أجل الوطن.

    مقال للكاتب الدبلوماسي الليبي إبراهيم الدباشي