قارب شهر رمضان المبارك على الانتهاء، و لا تزال الأسر الليبية تعاني ظروفاً معيشية قاسية تتمثل في ارتفاع أسعار المواد الأساسية واستمرار انهيار قيمة الدينار الليبي مقابل الدولار الأمريكي، وتأخر صرف رواتب الموظفين لأشهر، فضلا عن عدم توفر السيولة النقدية في المصارف، فعلى غير العادة في شهر رمضان المبارك شهدت معظم الأسواق في عدة مدن ليبية ركوداً في حركة إقبال المواطنين للشراء.
ومع قرب حلول عيد الفطر بدت معظم الأسواق في حالة تراجع كبير، بسبب الارتفاع في أسعار بيع الملابس ومستلزمات العيد، ووسط هذا الواقع الأليم تعيش العائلات الليبية تحدياً كبيراً في تأمين المواد الأساسية لما تبقى في هذا الشهر الذي يعرف بموائده العامرة لدى الليبيين.
وعلق الكثير من المواطنين على ارتفاع الأسعار بشكل كبير، وتشهد المناطق حالة احتقان واستياء شعبي كبير نتيجة عدم مبالاة حكومة الدبيبة وعدم وجود حلول تنهي معاناة المواطنين. مؤكدين بأن التجار هم من يستغلون الظروف المعيشية ويساهمون في رفع الأسعار دون حسيب أو رقيب، في ظل الغياب الواضح لوزارة الاقتصاد وحماية المستهلك.
ويصف تجار من مدن ليبية عدة الأوضاع الحالية بالأسوأ منذ سنوات، إذ إن التراجع طال جميع االسلع التجارية، بدءا من المواد التموينية إلى الخضار والفواكه، وحتى اللحوم والدواجن التي عادة ما ينشط الطلب عليهما خلال الشهر الفضيل، عازين التراجع إلى ضعف القدرة الشرائية لدى المواطن وتردي الأوضاع الاقتصادية بالمنطقة.
واقتصرت حركة البيع والشراء على الضروريات، وبكميات محدودة لسد الرمق، فيما تشهد بعض الأسواق بعد اليوم العشرين من رمضان شبة توقف من المتسوقين، وتخلت شريحة واسعة من المواطنين الليبين في رمضان عن أبسط مستلزمات موائدها الرمضانية، وتعتمد اليوم تقشفاً أكثر صرامة.
وتخلو محلات بيع الملابس من المشترين قبيل عيد الفطر المبارك في ظل اكتفاء المواطنين بالنظر إلى السلع وعدم قدرتهم على الشراء بسبب الغلاء وتأخر صرف الرواتب.
وأظهر مقطع فيديو مصور تحصلت شبكة لام على نسخة منه، لاقى تفاعلا واسعا في وسائل التواصل، تاجر ملابس تقليدية وعربية يشكو ضعف إقبال الزبائن، والركود غير المسبوق في العشر الأواخر من شهر رمضان قائلا ” منذ 5 أيام لم يدخل على المحل دينار واحد”.
وقال خبراء ومحللون اقتصاديون إن الأسعار في مجملها ارتفعت بنسبة 20% لمختلف السلع الغذائية والدوائية، مضيفين أن الأسعار ستواصل الارتفاع في حالة عدم انخفاض سعر الدولار.
وقال رئيس اتحاد جمعيات المستهلك أحمد الكردي في تصريحات صحفية، إن الأسعار في تصاعد مستمر بسبب احتكار بعض التجار، فضلا عن القيام بالتسعيرة بناء على سعر الصرف بالسوق الموازية، وسط غياب الجهات الرقابية لضبط الأسواق، موضحا أن هناك حلقة مفقودة بين من يورد السلعة وتاجر الجملة مع وجود المضارب في السعر لجني الأرباح.
وكان وزير الاقتصاد والتجارة بحكومة الدبيبة محمد الحويج، قد أكد أن «الأسعار في ليبيا تعد طبقاً للمؤشرات الدولية أرخص من دول أخرى كثيرة، ولا تزال تحت السيطرة»، إلا أنه عاد ليؤكد أن حوالي40 في المائة من الليبيين بدأوا يدخلون تحت خط الفقر.
بدورها، أكدت منظمة الغذاء العالمي خلال تقرير لها ارتفاع أسعار السلع الأساسية بنحو 3% في فبراير الماضي مقارنة بشهر يناير، من العام الحالي 2024، مشيرة إلى أن سعر السلة الغذائية للفرد وصل 866 دينار.
ويقول تجار، إنه لا أمل في انفراجة بتحسن الأوضاع، فالديون باتت تلاحق أصحاب المحال التجارية، ولا مؤشرات على وجود أي تحسن، مشيرين إلى أن الأوضاع سيئة منذ أكثر من 3 سنوات ولم تنته حتى اليوم.