لأول مرة بعد عدة سنوات من الانقسام السياسي والمؤسساتي، يعتمد مجلس النواب الميزانية المقدمة من قبل الحكومة الليبية برئاسة فتحي باشاغا، الخطوة التي ستعزز مكانة الدولة وفرض قوتها لتهيئة الظروف لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

خطوات الحصول على الميزانية من المصرف المركزي

الناطق باسم مجلس النواب عبدالله بليحق قال إن إقرار الميزانية للحكومة الليبية برئاسة فتحي باشاغا تم بعد إجراء تعديلات عليها، سواء من مجلس النواب أو الأجهزة الرقابية أو مصرف ليبيا المركزي خلال الاجتماعات الماضية.

وأكد بليحق، في مؤتمر صحفي الأربعاء، أن المجلس سيخاطب مصرف ليبيا المركزي والأجهزة الرقابية لتسهيل حصول الحكومة على الميزانية، ثم اتخاذ الإجراءات في هذا الصدد.

حكومة باشاغا بديلة لحكومة تتلاعب بمقدرات الشعب

وفي السياق ذاته، قال رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، خلال كلمته الافتتاحية لجلسة إقرار الميزانية، إن الحكومة الليبية برئاسة فتحي باشاغا قادرة على إزالة القوة القاهرة التي أعاقت تنظيم الانتخابات في 24 ديسمبر.

وأضاف صالح أن الحكومة الليبية هي البديل للحكومة “منتهية الولاية”، والتي أثبتت للجميع أنها لم تكتف بالتلاعب بمقدرات الشعب، بل ذهبت لإفساد المناخ السياسي والاجتماعي والأمني.

وأكد رئيس مجلس النواب أن ما وصفها بـ “الحكومة منتهية الولاية” تسعى للهروب من الاستحقاق الوطني، الذي نعلق عليه جميعًا الأمل للخروج بالبلاد من الأزمة.

وأوضح صالح أن الحكومة الليبية تم دراسة ميزانيتها، ولم تُشكل في المنفى، أو بغرض فرضها على الليبيين قسرًا، بل شُكلت وحصلت على الثقة تحت قبة مجلس النواب، مضيفًا أنه لا يحق لأي جهة الاعتراض على هذه الحكومة أو منعها من مباشرة عملها، بدءًا من تاريخ من منحها الثقة، وسيتحمل أي معرقل لهذا المسؤولية القانونية والأخلاقية والوطنية، خاصة الأجهزة الرقابية والمحاسبية.

اعتماد الميزانية بداية لمرحلة جديدة لتوحيد المؤسسات

بدوره رحب رئيس الحكومة الليبية فتحي باشاغا باعتماد الميزانية العامة، مضيفًا أن المال العام صار مصونا بقوة القانون، ولا يجوز لأي جهة بما فيها الحكومة الصرف إلا بموجب قانون الميزانية.

وقال باشاغا أن اعتماد الميزانية بداية لمرحلة جديدة، تتوحد فيها المؤسسات وتتعزز مكانة الدولة وقوتها، مؤكدًا على أن المؤسسات الرقابية يسهل عليها أداء واجباتها، ويرفع عن المصرف المركزي حملا ثقيلاً كمسؤول عن خزائن الدولة.

وأردف رئيس الحكومة الليبية أنه تم إلغاء بند الطوارئ، لما يمثله من فساد وحيلة لتجاوز السلطات الرقابية، وقلصنا مخصصات المصاريف التسييرية بالباب الثاني.

وأشار باشاغا إلى أن الحكومة مكلفة بمهام أساسية، على رأسها إنهاء الانقسام المؤسساتي وتهيئة الظروف لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، لافتًا إلى تطلعه لإنجاح المسار الدستوري، ونتمنى الوصول إلى قاعدة دستورية تنطلق من خلالها الانتخابات في مواعيد واضحة ومحددة.

ونوّه رئيس الحكومة الليبية إلى أن إقرار الميزانية أوجدت توافقا وطنيا من النواب والأعلى للدولة، حيث ضربوا مثالا بأن الإرادة الصادقة قادرة على كسر القيود، فالميزانية نتاج عمل جماعي ساهمت فيه اللجنة المالية بالبرلمان وأعضاء مجلس الدولة والمصرف المركزي وديوان المحاسبة والرقابة الإدارية ومكافحة الفساد، ونخبة من الخبراء.

خطوة النواب القادمة طرح قانون توحيد المرتبات

بدوره أكد عضو مجلس النواب علي أبوزريبة، في تصريح خاص لشبكة لام، أن جلسة إقرار الميزانية للحكومة الليبية تمت بحضور 102 نائبا في مدينة سرت، واعتماد قانون الميزانية تم لأول مرة منذ سنوات، بعيدا عن الترتيبات المالية التي فتحت باب الفساد.

وكشف أبوزريبة لشبكة لام عن أن الخطوة القادمة ستكون طرح قانون توحيد المرتبات، والذي يعتبر جاهزا للعرض في الجلسة القادمة. وأضاف أبوزريبة أن “الحكومة المنتهية” أرهقت المواطن، وتسببت في ضرب العملية السياسية بإفشال الانتخابات، وعرقلة دور المصالحة، وغذّت النعرات الداخلية، خدمة لمصالح العائلة الواحدة من أجل الاستمرار في الحكم.

من جانبه قال عضو مجلس النواب يوسف الفرجاني، في تصريح خاص لشبكة لام، الأربعاء، إن عدد أعضاء مجلس النواب الحاضرين لجلسة اعتماد الميزانية 97 نائبا، وعدد المصوتين من النواب إلكترونياً 5 أعضاء من النواب، مشيراً إلى أن أعضاء الأعلى للدولة كانوا متواجدين في المدينة، لكنهم لم يحضروا جلسة النواب بقاعة واقادوقو.

الميزانية المقترحة التي قدمها باشاغا بلغت نحو 91 مليار دينار ليبي، أي بما يعادل 18 مليار دولار، وقد أبدى عدد من أعضاء المجلس ملاحظات على بندي النثريات والطوارئ، وقلص المجلس بدوره الميزانية بشكل محدود لتصبح 89.7 مليار دينار، موزعة على أربعة أبواب، خاصة بالرواتب، والنفقات التسييرية والتشغيلية، ومشروعات وبرامج التنمية وإعادة الإعمار، ونفقات الدعم.