يوم بعد يوم تتفاقم أزمة اندفاع المياه الجوفية داخل مدينة زليتن، دون معرفة الأسباب الحقيقية لهذه الظاهرة، التي أثارت الذعر بين السكان ودفعت مئات منهم إلى النزوح من بيوتهم، لا سيما بعد تضرر بعض المنازل والمباني بالمدينة.
وفي غياب الجهات المسؤولة، نظم مركز البحوث والدراسات العلمية بالجامعة الأسمرية الإسلامية بزليتن، ندوة علمية حول أسباب ارتفاع منسوب المياه الجوفية بالمدينة.
شارك في الندوة عدد من الأكاديميين، بينهم المختص البيولوجي والأستاذ في “الهيدروجولوجيا” بجامعة طرابلس الدكتور سالم الرشراش، الذي أكد خلال حديثه إلى شبكة لام، أن الندوة تهدف إلى معرفة الأسباب واستجلاب خبراء وطنيين من كافة المدن، للخروج بتوصيات من من بينها إعلان حالة الطوارئ في البلدية.
وتزداد مخاوف السكان بسبب عدم إيجاد حل ينهي الخطر الذي يحدق بهم وبعائلاتهم، ففي مركز زليتن الطبي يواجه الطفل غيث ازغيليل البالغ من العمر 18 شهرا ظروفا صحية حرجة، بسبب غرقه في مستنقع بمنطقة المنطرحة في المدينة.
وفي حديث لشبكة لام، أفاد والد الطفل غيث أن ابنه كان يتجول في باحة منزله” السانية” قبل أن يسقط في مستنقع تندفع منه المياه الجوفية وتختلط بمياه الصرف الصحي، مناشدا الجهات المختصة بالتدخل سريعا لحمايتهم.
وفي أولى تصريحاته، قال عميد بلدية زليتن مفتاح حمادي إن البلدية لديها القدرة على التعامل مع الأسر النازحة طوعا بشكل مؤقت، وفي حال ارتفاع أعداد النازحين فيجب على الحكومة دعم البلدية في التسكين وإعاشة الفرق العاملة بالمناطق المتضررة.
وأعلن حمادي خلال مؤتمر صحفي حول تداعيات هذه الظاهرة على المدينة، الاتفاق على إنشاء شبكة تصريف مياه سطحية مستعجلة لتصريف المياه الجوفية، بعد تأخر وصول الفريق الإنجليزي الذي وعد الدبيبة باستقدامه.
واستنكر أهالي مدينة زليتن، في بيان مصور تحصلت شبكة لام على نسخة منه، إهمال وضع مدينهم، مؤكدين أن الوضع داخلها يزداد سوءا يوما بعد آخر، وحملوا جميع المسؤولين سلامة سكان المدينة، وبحسب بيان الأهالي فإن اللجان المكلفة من الدبيبة لم تقم بأي خطوات عملية على أرض الواقع، مشيرين إلى أن حادثة الطفل خير دليل على ذلك.
على إثر ذلك أعلنت الحكومة الليبية أمس الثلاثاء حالة الطوارئ القصوى بزليتن ، ودعت كافة الجهات المعنية اتخاذ التدابير والإجراءات الاستثنائية اللازمة للتعامل مع الأوضاع المترتبة على ذلك، بما فيها حماية سكان المدينة من خطر هذه المياه، ومساعدتهم على تجاوز أثارها.
وخصصت الحكومة الليبية 10 ملايين دينار لبلدية زليتن كمبلغ للطوارئ، بالإضافة إلى عقد إنشاء شبكة رشح وتصريف في المحلات المتضررة بقيمة 16 مليون دينار.
بدورها، طالبت لجنة الطاقة والموارد الطبيعية في مجلس النواب، في بيان لها، بالتدخل الفوري والعاجل من الحكومة الليبية وجميع جهات الاختصاص، لحل مشكلة ارتفاع منسوب المياه الجوفية بمدينة زليتن، تفاديا لحدوث كارثة إنسانية أو بيئية.
وقال عضو المجلس الأعلى للدولة عن مدينة زليتن عبدالسلام الصفراني، في تصريحات صحفية، إن إهمال مشكلة ارتفاع منسوب المياه الجوفية في زليتن يذكر بالإهمال الحكومي الذي أدى لكارثة درنة، محذرا من تفاقم مشكلة المياه الجوفية وارتفاع الكميات المتسربة إلى السطح، مبينا أن حجم المساحات المتضررة من المدينة بلغ أكثر من 4000 هكتار، والذي يعد ضعف مساحة المخطط الحضري للمدينة.
من جانبها، دعت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا ، الجهات المختصة لدراسة ظاهرة ارتفاع منسوب المياه الجوفية في زليتن، وتنفيذ الحلول المناسبة بشكلٍ عاجل، لإيجاد حل سريع لهذه الظاهرة البيئية التي تهدد بوقوع كارثة بيئية وصحية لسكان المدينة.
وأكدت المؤسسة أن المياه المتراكمة شكلت مستنقعات ملوثة ومختلطة مع مياه الصرف الصحي ، أدت إلى موت الكثير من الأشجار المثمرة والنخيل، واختفاء كامل لأشجار الزيتون التي كانت موجودة بتلك المناطق بأعداد كبيرة جدًّا.
وبينت المؤسسة أنه من خلال الزيارة التي قامت بها للمدينة اتضح وجود انتشار للحشرات، خاصة حشرة “اللشمانيا” الموجودة في المستنقعات بكثافة، ووجود الروائح الكريهة في المستنقعات والبرك، مما يُهدد الصحة العامة، وإن استمرار ارتفاع مستوى المياه يُهدد السكان، وينذر بكارثة بيئية من أوبئة وأمراض للسكان.
تستمر أزمة اندفاع المياه الجوفية وارتفاع منسوبها في بعض المناطق من مدينة زليتن، من دون تفسير دقيق لما يجري، ما يؤكد ضرورة إيجاد تحرك عاجل لإنقاذ المدينة قبل التحول إلى كارثة إنسانية وبيئية.